عدد القراءات: 6682

عالشجر وعالضجر وعالسفر اكتبني

 

مع قصص الريح غرّبني... عا شطوط العمر غرّبني...

يحملون قصصهم المعجونة بأحقاد شظايا مزقت أفئدتهم حتى فاضت الأوردة... ويمتطون المراكب المهترئة تتأرجح بهلع على مزاج الأمواج المتمردة... وتتلقفهم شطآن مترامية تحضن بفتور شتات هياكلهم التائهة المشردة...
هي فصول التغريبة المتورمة على فحيح الأفاعي تنفخ في رمادها المتناثر خشية أن تستكين... هي دساتير مارقين تعبث بتاريخ أمة نقشت أبجديتها على جبين الحضارة في زحمة العابرين... وهي أسأطير امبراطورية خرافية تستجدي شهقة حياة في رفات لحد أغبر طمست معالمه السنين...
لست أدري من شرع لعصابة مبتورة النسب استباحة أقدارنا المجبولة بمشيئة إله مقتدر... لست أعرف من أباح لها رهن بلادنا لأبالسة تتلبسهم أوهام الهيمنة بشفاعة مهدي منتظر... ولست أعلم أي قدر أحمق وشم شعبنا المسحوق على جبهة الترحال كشارد الغجر...
وأتساءل بحيرة عن خطيئة شعب هجر الأصفاد ليلثم ثغر الحياة... أبحث عمن أوكل لقوارض الأرض رصف أجسادنا قضباناً "لعرين" كبير الطغاة... وأتقصى عن جريمة شعبنا المرهون قسراً لنخاسين بصقتهم أصلاب الزناة...
وأتفرس في ملامح الفارين من جحيم حرب تتغذى على ندبات قهرنا لتتقرح وتنفجر... أحدق في هشيم هياكلهم المصلوبة بأوتاد أوغاد متكئين على ضمير عالم مستتر... وتصفعني صور الموت يشرع فكيه لابتلاع قرابين عبدت طرقات حتفها بعلقم الصبر...
وأبحث عن صدى أسئلة تتمرد بحنق على دساتير العالم القذر... أليست المحرقة المتعملقة على نزف شراييننا محض كفر؟... أين أحداق العالم من شعبنا المرصوف على عتبات المنافي كدفق أفواج الحشر؟... أين آدميته المندثرة أمام مارد الموت يتربص بأرواحنا المطعونة بحراب القهر؟... وأين أردم أربع سنوات من حلكة ليل مكفهر يأبى احتضان الفجر؟...
وتؤرقني أربع كلمات تختزل هواجس شعبنا الجريح: "شو بيبقى من الرواية؟ أجبني أيها القدر الموشوم بغلّ على جمر الصفيح... أجب أيها العالم الموصد أبواب آدميتك في وجهنا والتائه في متاهات المفاتيح... تكلم أيها الرعديد المتحصن بخطابات سمجة تمزق أوصال شعبنا المستباح الذبيح... وتتحجر حنجرة العالم المتواري خلف همهمات النواح والصياح والنباح والفحيح... وتتبعثر الكلمات على شدقيه وتتجهم قسماته لتفضح تقيحات وجهه القبيح.... وأصرخ مجدداً في مسامعه المحتضرة في مأتم آثم أحيت مراسمه جوقة التماسيح: "شو بيبقى من الرواية؟" أجب أيها العالم الأصم الأبكم المقعد الكسيح... فتومئ لي الشطآن المثقلة بهموم شعب لفظ أحزانه على الرمال ليركن ويستريح: "بيبقى قصص صغيري عم بتشردها الريح"...


 

علِّق