No votes yet
عدد القراءات: 12785

العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا؛ عودة سياسة القوة

الكاتب الأصلي: 
CHRISTOPH VON MARSCHALL
تاريخ النشر: 
14 نيسان (أبريل), 2017
اللغة الأصلية: 

 

الصورة: جدارية لدونالد ترامب وفلاديمير بوتين في الهند، تصوير:  دومينيك فاجت/ وكالة فرانس برس AFB

 

الغارة الجوية التي نفذها ترامب في سوريا وحاملة الطائرات الأمريكية أمام سواحل كوريا الشمالية تعتبر إشارات للتهديد لكن بتأثير محدود. لا خطر من نشوب "حرب عالمية ثالثة" .

 

لم يدم "شهر العسل" إلا لمدة وجيزة، إن أمل دونالد ترامب بعلاقة أفضل مع روسيا استمرّ لأسابيع قليلة فقط. اليوم، يسافر وزير خارجيته ريكس تيلرسون إلى موسكو، وهذه هي أول زيارة لعضو في حكومة ترامب إلى روسيا، في حين تبدو العلاقات أكثر جليدية مما كانت عليه في عهد باراك أوباما، بل إنه ليس من المؤكد فيما إذا سيلتقي تيلرسون بفلاديمير بوتين أم سيقتصر لقاؤه فقط مع نظيره سيرغي لافروف.

ما الخلل الذي حدث؟

ترامب وبوتين ليسا سيدي خياراتهما، فعلى كلا الجانبين هناك لاعبون ليس لديهم مصلحة في علاقات أفضل بين أمريكا وروسيا، وذلك لأنهم لا يريدون أن يحيدوا عن مسارهم الخطأ، أو لأنهم قلقون بأن ذلك قد يحول إلى الحد من نفوذهم.

في سوريا، على سبيل المثال، فإن الأسد لا يمكنه أن يتوقع أي شيء إيجابي إذا حصل تقارب بين واشنطن وموسكو. إذا جرت المحادثات بداية بين وزيري الخارجية تيلرسون ولافروف ولاحقاً بين الرئيسين ترامب وبوتين وسارت بجدية حول مستقبل سوريا، فإن سقوط الأسد سيكون من بين الخيارات. ومن المرجح أن الهجوم بالغاز السام كان استفزازاً متعمداً لمنع مثل هذا التطور، وقد آتى أكله في الواقع.

الأسد يؤلب ترامب وبوتين على بعضهما

وفي واشنطن، يجلس في الكونغرس القوى التقليدية المشككة بروسيا، كما أن مجال التصرف لترامب في الجيش لا يزال محدوداً، والاشتباه باحتمال وقوع اتصالات بين فريق حملة ترامب والاستخبارات في موسكو، يجعل هامش ترامب أضيق من ذلك.

على الرغم من أن الأسد لم يكن على يقين من أن ترامب يمكن أن يلجأ فوراً إلى استخدام الصواريخ رداً على هجومه بالغازات السامة، لكنه كان يتوقع الاستياء من أمريكا كنتيجة، وكانت مخاطرة الأسد من ناحية أخرى منخفضة، لاستبعاد أن تقوم الولايات المتحدة الآن بالتدخل عسكرياً في سوريا بشكل كبير جداً، وبأن تسعى إلى ترجيح ميزان القوى على الأرض لصالحها على حساب النظام في دمشق وداعمته روسيا. لا تزال الأسباب التي دفعت أوباما إلى سياسة ضبط النفس في سوريا قائمة. إن الولايات المتحدة لا تريد الانجرار إلى أي حرب برية أخرى في بلد مسلم.

 

لن تبدأ حرب كبرى في سوريا

سوريا ليست واحدة من المناطق الأكثر تميزاً في التفكير الجيو استراتيجي، فهي تخضع لصراع إقليمي. تعتبر سوريا أكثر أهمية لروسيا مقارنة بالأمريكيين، نظراً لوجود قاعدتيها البحرية والجوية العسكريتين الوحيدتين في البحر المتوسط، لذلك أرسل بوتين جيشه لإبقاء الأسد رغم معارضة الروس إرسال أبنائهم ليموتوا في سوريا.

إن مصلحة أميركا تنحصر بمنع سيطرة داعش على مناطق واسعة في سوريا، حيث تكون معسكرات لتدريب الإرهابيين، ولا تريد الولايات المتحدة أيضا أن تترك سوريا دون أي محاسبة، وتريد وضع قضية تشكيل دولة كردية على جدول الأعمال دولياً.

إن المخاوف من "حرب عالمية ثالثة" وشيكة، والتي تتحدث عنها بعض وسائل الإعلام الألمانية بتهور، لا أساس لها في سوريا.

يستخدم ترامب الجيش الأمريكي فقط للضغط على موسكو، أما بوتين فسوف يقوي حمايته للأسد، بينما أمريكا فلا تسعى إلى حرب متصاعدة بالوكالة.

الصراع النووي مع كوريا الشمالية هو الأكثر تهديداً

ليس للولايات المتحدة أيضا مصلحة في حرب ساخنة في الصراع النووي مع كوريا الشمالية الذي يعد أكبر خطراً، ولكنها تحتاج وترغب في دفع الصين إلى منع كوريا الشمالية من بناء الصواريخ النووية الاستراتيجية التي يصل مداها إلى الولايات المتحدة. إن إشارات الخطر ازدادت بعد أن نشرت كوريا الشمالية إعلاناً تظهر فيه تدمير حاملة طائرات أمريكية، وما زال البحث جارياً على حل على طاولة المفاوضات.

بالتأكيد فإن الكثير من الناس سيكونون أقل قلقاً لو كان هناك شخص آخر يجلس في البيت الأبيض في هذه المرحلة الحاسمة - ليس دونالد ترامب المتهور وغير المتوقع - رئيس يملك الهدوء والرصانة، وسوف يقول البعض الآن:  إن شخصا مثل باراك أوباما الذي تصرف بشكل هادئ جداً والذي لم يأمر الجيش الأمريكي بأي ضربة جوية - حتى لو كانت رمزية - كان من الممكن أن تجلب له وللدولة العظمى احتراماً، حين ارتكب الأسد جريمة الكيماوي في عام 2013 .

مخاوف ألمانية من "حرب عالمية ثالثة"

إن رئيس الولايات المتحدة لا يعمل بمفرده، حيث يخضع لآلية "الضوابط والتوازنات" التي يديرها مستشارون أمنيون بمشاركة التدقيق البرلماني من قبل الكونغرس، والجمهور الذي يحتج إذا تجاوز الرئيس، كل هذا لا يتوفر في سوريا ولا في روسيا، ولا في الصين أو كوريا الشمالية.

لا تبنى التكهنات الألمانية حول "حرب عالمية  ثالثة" على أساس استعراض القوة من قبل ترامب، بل إنها تنبع من شعور الألمان بالذنب نتيجة الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من أوهام أن يكون العالم أكثر سلاماً.

لكن من ناحية أخرى فإنه من دون القوة العسكرية لا يمكن أن يتم توازن القوى ضد مثيري العنف مثل الأسد،  بوتين، كيم جونغ أون.

الضغط  شرط أساسي للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض.

 

-----------

الكاتب:

CHRISTOPH VON MARSCHALL: درس التاريخ الأوروبي الشرقي والعلوم السياسية في فرايبورغ، . يكتب منذ عام  1991 لـ der Tagesspiegel ويعمل كمراسل للصحيفة من واشنطن منذ عام 2005 

علِّق

المنشورات: 37
القراءات: 330178