كيري وسيطاً لتنفيذ خطة "ترامب" في سوريا - ترجمة السوري الجديد

الكاتب الأصلي: 
Eli Lake
تاريخ النشر: 
13 أيلول (سبتمبر), 2016
اللغة الأصلية: 
0


إذا ما فاز المرشح "دونالد ترامب" بسباق الرئاسة الأمريكية في نوفمبر القادم فإنه قد يرغب بتعيين وزير الخارجية "جون كيري" مبعوثه الخاص للتعاون الروسي-الأمريكي في الحرب على الإرهاب. ورغم أن للرَجُلين وجهات نظر متباينة حيال كثير من القضايا بدءً من الاتفاق النووي مع إيران وانتهاءً بأصول نشأة تنظيم الدولة الإسلامية، فإن سياستهما في سوريا متطابقة تماماً.
ولنأخذ قرار وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الوزير "كيري" مع نظيره الروسي "لافروف" ليلة الجمعة في "جنيف"، فإذا ما صمد قرار وقف العنف لأسبوع فحينها يكون كيري قد التزم رغم التشكيك المعلن من قبل البنتاغون و لجنة الاستخبارات الأمريكية، بالعمل والتنسيق مع سلاح الجو الروسي لاستهداف تنظيم جبهة النصرة التي أعلنت مؤخراً فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
ومنذ نوفمبر الماضي، حاولت الولايات المتحدة وروسيا تنسيق ضرباتهما الجوية فوق الأجواء السورية المزدحمة بهدف قصف تنظيم الدولة الإسلامية بيد أن هذا التنسيق لم يكن كما يجب، حيث تستمر روسيا بقصف فصائل الثوار المدعومين أمريكياً بالإضافة إلى الأهداف المدنية كالمستشفيات، لا بل قصف المقاتلات الروسية في حزيران الماضي قاعدة للعمليات الخاصة الأمريكية.


لكن الوزير "كيري" دبلوماسي مثابر حيث قال في حديثه للصحفيين يوم الجمعة: "بعد فترة من تراجع العنف، سنشهد اتخاذ روسيا والولايات المتحدة خطوات منسقة لعزل وهزيمة المجموعات الإرهابية التي فاقمت معاناة سوريا، وسنسهل عملية الانتقال السياسي والتي هي الطريقة الوحيدة لوضع حد لهذه الحرب".
وإذا أخذنا الجزء الأخير من حديث كيري، فإننا سوف نلاحظ كيف أنه يعرض مسألة لطالما دافع عنها المرشح "ترامب" لأكثر من عام. وفيما يلي حديث "ترامب"لـ Bill O' Reilly" الشهر الماضي، يقول ترامب: "ألن يكون أمراً رائعاً بصراحة لو أننا نتفق مع روسيا ونتوصل لصفقة تمكننا من القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بمشاركة حلف الناتو وبعض بلدان المنطقة؟! ألن يكون هذا أفضل من القتال؟!.
على الجانب الاخر لهذه المسالة، هي المرشحة الديمقراطية للرئاسة " هيلاري كلينتون". لا تثق "كلينتون" بالروس كثيراً  بشكل عام ولطالما أيدت دوراً أمريكياً قوياً لوقف الأعمال الوحشية في سوريا. وكما أحبت تذكير جمهورها العام الماضي، فقد كانت "كلينتون" من بين أعضاء إدارة الرئيس أوباما الذين حثوه على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية عام 2012. واليوم تدعم "كلينتون" خطة فرض منطقة حظر جوي في سوريا رغم أنها ترفض المشاركة بإرسال قوات برية إلى هناك يقول كثير من الخبراء أن الأمريكيين سيحتاجونها لفرض منطقة حظر الطيران. وبدوره، يتعهد أوباما أيضاً بعدم إرسال قوات برية إلى سوريا ومع ذلك فقد أرسل مئات قليلة من عناصر القوات الخاصة.


وبعيداً عن السياسة، هناك أسباب جيدة تدفعنا للتشكيك بنجاح خطة " ترامب-كيري في سوريا". لو فرضنا أن وقف إطلاق النار سيصمد لأسبوع، وهو الغير مؤكد، فإن ضباط المخابرات الأمريكية سيرغبون بتبادل المعلومات حول مواقع الثوار المدعومين أمريكياً في سوريا مع سلاح الجو الروسي الذي يقصف هذه المواقع منذ عام تقريباً.
وكانت "إيفيلين فاركاس" العضو السابق في المجلس الأطلنطي ونائب المساعد السابق لوزير الدفاع لشؤون روسيا وأوكرانيا وأوراسيا في إدارة أوباما، قد أخبرتني يوم السبت أن للعمليات المشتركة مخاطرها دائماً.
وأكدت "فاركاس" أن عمليات مشتركة كهذه إنما يتم تنفيذها مع الحلفاء والشركاء وليس مع الخصوم مثل روسيا، فأهدافنا الأساسية تتناقض مع أهداف الروس ولا افهم كيف سنثق بهم وبالتزامهم بمناطقهم المحددة ونحن نشاهد سلوكهم لغاية الآن".  وتابعت "فاركاس" : " بصراحة أشعر بالقلق من أن الروس سيضعون أيديهم على أما استطاعوا من أراضٍ عبر أي تفسير للقوانين يستطيعون من خلاله الإفلات من العقاب وحينها سيحاولون السيطرة على المزيد. 
وبدوره يشكك "روبرت فورد" العضو في معهد الشرق الأوسط والسفير الأمريكي السابق لدى سوريا، في نوايا الروس أيضاً. وقال موجهاً حديثه إليَ " لا جون كيري ولا دونالد ترامب مهيأ للقيام بالأعمال المرتبطة بهذه الأزمة في المقام الأول". واضاف "فورد :" لا يحل المزيد من القصف المشاكل الكامنة ولا أرى في الاتفاقية ما يُمَكِنُ من المُضِي نحو الحل السياسي حيث إن الجلوس إلى طاولة المفاوضات ليس حلاً بذاته".
لم يستوعب "كيري" هذا الدرس، فقد أمضى الرجل أكثر من عام محاولاً إقناع نظيره الروسي "لافروف" بالضغط على نظام الأسد بغية الشروع في عملية سياسية من أجل سوريا، أما الروس فقد فشلوا في كل مرة تقريباً بالالتزام بوعود "لافروف". لقد دفع "كيري" ثمناً باهظاً لتماسكه وصبره الدبلوماسي. وعندما كان يمارس ضغطاً باتجاه عقد جولة جديدة من المحادثات السياسية قبل عام، كان الروس يُصَعِدون من ضرباتهم الجوية في سوريا. لم يفعل "كيري" أي شيء تقريباً لمواجهة تصعيدات الموقف الروسي في الوقت الذي كان يحاول فيه إعادة إطلاق المفاوضات. ونتيجة لذلك، استعرضت موسكو قوتها العسكرية في الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ سبعينات القرن الماضي.


من ناحية، يبدو "كيري"  قد فهم أن كلام "لافروف" بمفرده ليس له قيمة كبيرة، وبعد مدحه لقرار أوباما الشجاع بدعم وقف إطلاق النار، أفصح الوزير عن أنه لا يعرف فيما إذا كان  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتفق مع وزير خارجيته. وقال كيري مساء الجمعة.:" آمل أن يتخذ الرئيس بوتين قرارً بتوظيف موارد بلاده لمحاولة ضمان أن يفي نظام الأسد بتعهداته وأن يعمل معنا".
وستوقف مهمة كيري في إقناع المعارضة المدعومة من الغرب  بدعم اتفاقيته، حيث يقول أنه يحذر الفصائل التي تدعمها بلاده أن ينأوا بأنفسهم عن جبهة النصرة ويدعموا خطة الانتقال السياسي ولكنه يبدو من المستبعد أن يوافق الثوار على هذا الطرح.
ويوم السبت، قال "إيفان باريت" نائب قائد قوات الطوارئ الغير حكومية والخاصة بسوريا، أن مجموعات المعارضة السياسية السورية التي يدعمها الغرب سوف تواجه صعوبات جمة في إقناع الفصائل المقاتلة على الأرض بهذه الخطة. واضاف "باريت": " إذا ما أراد الغرب تقديم سرد مُجبِر لفصائل المعارضة يستطيع إبعادها عن التحالف مع الجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة، فإننا بحاجة لإظهار أن العالم متعاطف ويؤمن بسوريا آمنة ومستقرة، أكثر من هؤلاء المتطرفين، ومن خلال الشراكة مع الأسد  وروسيا، تُظهرُ الحكومة الأمريكية أن تعاطفها مع السوريين ليس أكبر من تعاطفها مع الأسد أو تنظيم القاعدة".
و اخبرني "باريت" أنه خلال العام الماضي توقفت مجموعته عن مطالبة إدارة الرئيس أوباما بمزيد من العمل في سوريا وبدل ذلك، حثتها على التوقف عن إلحاق الأذى بهذا البلد. إن حث المعارضة على التفاوض الآن يشكل صفقة سيئة للسوريين الذين يتمنون الخلاص والتحرر من حكم رئيسهم الديكتاتور. وبسبب التدخل الروسي قبل عام، استطاع الأسد استعادة زخمه والكثير من المساحات التي كان قد خسرها.


جرى التطرق لهذه الفكرة الانفة الذكر يوم السبت في صحيفة "الواشنطن بوست" من قبل مستشارين اثنين لحملة "كلينتون" الانتخابية وهما  " ميشيل موريل" النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA"" و "ميشيل فايكيرز" وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات. يقول المُستشارَين:" إن تدخل بوتين المهم في سوريا قبل حوالي عام من خلال الضربات الجوية الروسية والقوات الخاصة قد دعم الأسد في اللحظة ذاتها والتي بدا فيها أنه يفقد قبضته على حكم البلاد ولهذا فقد يصبح عرضة للحديث عن تفاوض لنقل السلطة".
كتب "موريل" و"فايكيرز" هذه الكلمات برسالة مفتوحة لترامب ينتقدون فيها إعجابه  وتأثره ببوتين ولكن كان من الأسهل توجيه حصة سوريا من هذه الرسالة إلى وزير الخارجية الحالي.

 

عدد القراءات: 33521

علِّق

المنشورات: 46
القراءات: 1493511

مقالات المترجم