سياسة هيلاري كلينتون في سوريا - ترجمة السوري الجديد

الكاتب الأصلي: 
Alex Rowell
تاريخ النشر: 
29 تموز (يوليو), 2016
اللغة الأصلية: 
0

 

صحيفة ناو ليبانون تتحدث مع ناشط سوري كان قد التقى كلينتون ومستشارها السابق بشان سوريا في إحدى ضواحي واشنطن، وتسأله عن خطط مرشحة الحزب الديمقراطي.

 

في وقت سابق من العام الحالي، حضرت هيلاري كلينتون اجتماعاً خاصاً مع مجموعة صغيرة من النشطاء السوريين الأمريكيين المعارضين لنظام بشار الأسد. ولعله من غير المفاجئ أن هدف الاجتماع كان مناقشة الحرب الدائرة في سوريا، ودراسة ما يمكن للإدارة الأمريكية المستقبلية التي تأمل كلينتون ترؤسها بدءاً من كانون الثاني 2017 عمله لتشكيل سير الأحداث في تلك الدولة المدمرة، بحيث تصبح أكثر مواكبة لتطلعات المعارضة من النهج الذي اتخذه الرئيس الحالي.

ورغم مضي ثلاث سنوات على عمل وزيرة الخارجية كلينتون بشكل رسمي في السياسة السورية، إلا أنها واظبت على متابعة التطورات عن قرب خلال تلك الأثناء، إذ يذكر أحد حاضري الاجتماع أنها تحيط علماً حتى بأدق التفاصيل عن الوضع على الأرض. والأهم أنها كانت متقبلة لوجهة نظر النشطاء بأنه على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات ملموسة أكثر صلابة لمواجهة العنف الذي يمارسه الأسد وحلفاؤه.

 

وحول ذلك قال كنان رحماني، طالب الحقوق في واشنطن وعضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان الذي سافر مراراً عبر مناطق المعارضة في سوريا منذ بدء النزاع، قال في رسالة إيميل لناو "أعجبت جداً باهتمامها بكل شاردة وواردة عن الوضع. فهي تعرف عن الهجمات الروسية على المشافي في حلب، وعن حصار مضايا (قبل أن تضج الأخبار به)، وتعرف الأعضاء في تشكيلات المعارضة الجديدة."

 

ترك ذاك الاجتماع أثراً كبيراً في نفس رحماني، وهو الآن يدعم كلينتون للرئاسة، التي اتخذت خلال حملتها الانتخابية منحى أقوى في سياستها الخارجية بشأن سوريا، إذ تعهدت في تشرين الثاني 2015 بأن "نكثف جهودنا لدعم وتسليح وحدات المعارضة السورية الصالحة"، وحتى بـ "فرض مناطق حظر طيران" في الشمال السوري "مما سيمنع الأسد من ذبح المدنيين والمعارضة من الجو". ولم تكن تلك الأقوال عابرة أو وليدة اللحظة، إذ دافعت عن موقفها بمناطق حظر الطيران في مناظرة حية مع بيرني ساندرز في نيسان من هذا العام وقالت "نعم، ما أزال أدعم منطقة حظر جوي لأني أعتقد أنه علينا أن نوفر مناطق آمنة للسوريين المساكين الهاربين من الأسد وداعش ليحظوا بمكان آمن…. لم يقف أحد بوجه الأسد ولم تتم إزاحته، فأصبحت الكارثة في سوريا أكبر بكثير مما نراه في ليبيا الآن"

 

طبعاً يختلف ما يقال في الحملات الانتخابية عما يحصل فعلاً في النهاية في المكتب البيضاوي مرات عديدة (نذكر منها تعهد أوباما بإغلاق سجن غوانتانامو بي)، إلا أن رحماني، وآخرون مثله، لا يعتقدون أن حديث كلينتون عن منطقة الحظر الجوي محض وعود فارغة، حيث قال رحماني لناو "كانت هيلاري كلينتون ومستشاروها واضحين جداً في الدوائر المغلقة وفي العلن بأنهم يؤمنون بأن منطقة الحظر الجوي هي أمر إنساني بغاية الأهمية، والقصف الجوي من قبل نظام الأسد هو العامل الأكبر في الموت والدمار الذي يحل بسوريا، وتدرك هيلاري كلينتون أنه ما من سبيل للتعامل مع أزمة اللاجئين التي تهدد استقرار المنطقة وأوروبا إلا بمواجهة الخطر الأكبر الذي يدفع اللاجئين إلى الهرب."

 

وعند سؤاله عن مقترحها بـ "تكثيف" الدعم العسكري للمعارضة، الذي أشار الكاتب والصحفي مارك لاندلر إلى أنه قد يعني مضادات طائرات محمولة، قال رحماني "ليس واضحاً بعد ماهية الخطوات التي قد تتخذها"، لكنها "لن تصرف النظر عن أي خيار يمكنه أن يخدم سياستها العامة"، وأضاف "أتوقع أنها ستكون أقل تردداً من الرئيس أوباما في تحري إجراءات أكثر صرامة لإنهاء النزاع."

 

يشاطر كنان شعوره هذا آخرون ممن خبروا تفكير كلينتون حول سوريا عن قرب، ومنهم فريدريك هوف، المستشار الخاص السابق لكلينتون في وزارة الخارجية قبل استقالته في أيلول 2012. وفي حين أنه رفض الخوض في تفاصيل سياسة كلينتون حول سوريا كرئيسة افتراضية، إلا أنه يعتقد أن رئيسته السابقة (وهي ابنة ضابط البحرية التي قوبل طلبها بالانضمام للبحرية الأمريكية في السبعينات بالرفض) لا تحمل ما يحمله أوباما من تحفظات شخصية أو عقائدية بشكل عام حول فكرة استخدام القوة العسكرية إن كان ذلك سيعود بالنفع.

وقال هوف، رئيس مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في مركز أتلانتيك كاونسل للبحوث “أعتقد أن أوباما قد أقنع نفسه بأن ما حصل في العراق في عام 2003 من غزو واحتلال أمريكي يشير إلى أن أي محاولة من قبل الولايات المتحدة بالقيام برد عسكري في سوريا على بشار الأسد سيؤدي حتماً إلى كارثة، غزو واحتلال وكل ما يتبعهما".

وأضاف "لا أعتقد أن الوزيرة كلينتون ستكون مقيدة بهذا الاعتقاد كرئيسة". كذلك يتوقع هوف أن تختلف كلينتون عن أوباما في رؤيتها لاتفاقية السلاح النووي التي أبرمت مع إيران عام 2015، والتي أضحت علامة فارقة في إرث أوباما، إذ يقول النقاد أنها جعلت الرئيس يتحفظ على الوقوف بوجه طموحات إيران في المنطقة وبالأخص في سوريا.

 

كما قال هوف أيضاً “أعتقد أن الرئيس يخشى من مغبة رد صارم على بشار الأسد، خاصة حول حماية المدنيين، من شأنه أن يقصي القادة المهمين في إيران، بداية من المرشد الأعلى، ويدفع إيران إلى التخلي عن الاتفاقية. لا أعتقد أن الوزيرة كلينتون ستكون مقيدة بهذا الشكل، إذ أشعر أنها تعي أنه بمقدور الولايات المتحدة أن تقوم بأمرين في آن معاً، وأن ثمة بنودٍ في الاتفاقية واضح أنها مغرية لإيران، مما قد يجعل احتمال تخلي إيران عنها ببساطة ضعيفاً نسبياً."

 

بالإضافة إلى ذلك، يرى كل من رحماني وهوف أن كلينتون وأوباما عن النقيض تماماً من بعضهما في نظرتهما لمستشاريهما في السياسة الخارجية. ففي حين يشتهر أوباما بازدرائه لزمرة أفراد السياسة الخارجية في واشنطن (أو "الكتلة الهلامية" كما سماها بين رودز أحد المقربين القلائل من أذن الرئيس)، وظفت حملة كلينتون فريقاً كبيراً من الاستشاريين وصفه رحماني بأنه "إدارة هائلة للسياسة الخارجية تحاكي نظائرها في الحكومات الفعلية". وعلى قمة تلك الإدارة يجلس جيك سليفان ولورا روزنبيرجر اللذان يقول عنهما رحماني بأنهما "مهتمان جداً بمتابعة التطورات في سوريا"، وهناك أيضاً ميشيل فلورنوي رئيسة مركز الأمن الأمريكي الجديد، التي يقال أنها ستكون وزيرة الدفاع في حكومة كلينتون، والتي دعت إلى استخدام القوة العسكرية بشكل أوسع ضد نظام الأسد، إضافة  إلى تمارا كوفمان ويتس رئيسة معهد بروكينجز لسياسات الشرق الأوسط، التي عبرت عن مقتها لسياسة أوباما في سوريا في شهادة أدلت بها أمام الكونغرس الأمريكي في شهر أيار واصفة إياها بأنها "تدل على عدم تعلم دروس مرحلة ما بعد الحرب الباردة".

علاوة على من سبق، هناك أيضاً عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرجينيا تيم كين، الذي أعلنت كلينتون يوم الجمعة بأنه سيكون نائباً لها، وهو عضو في هيئة القوات المسلحة وهيئة العلاقات الخارجية التابعتين لمجلس الشيوخ. صوت كين بعد استخدام السلاح الكيماوي في دمشق في آب عام 2013 بالموافقة على شن ضربات تأديبية ضد نظام الأسد، وفي عام 2015 كتب رسالة للرئيس يحثه فيها على "إنشاء منطقة إنسانية آمنة أو أكثر على وجه السرعة" في سوريا "لتوفير الحماية الضرورية للسوريين المدنيين النازحين وتوفير معبر آمن لدخول المعونات الإنسانية التي هم بأمس الحاجة إليها".

 

يعد كين شخصية غير لامعة نسبياً، وقد وصف نفسه مرة بقوله أنه "أكثر من يبعث على الملل في عالم السياسة"، وبالرغم من ذلك فقد قوبل ترشيحه كنائب للرئيس بحماسة من قبل دوائر المعارضة السورية. ولدى سؤاله عما إذا كان ذلك يعمق ثقته بإصرار كلينتون على تنفيذ وعودها في سوريا، قال رحماني بكل ثقة "نعم، بالتأكيد".

علِّق

مقالات المترجم