صورة eiad
نشرت في .April 07, 2015

البراغماتية أو الذرائعية :(Pragmatism بالانكليزية )

 هي اتجاه فلسفي يتركز على الربط بين التطبيق والنظرية، و  تعارض البراغماتية الرأي القائل بأن المبادئ الإنسانية والفكر وحدهما يمثلان الحقيقة بدقة، وهي تؤمن بأفضلية المنفعة على حساب المبادئ والمسلمات  والمقولات والضرورات المفترضة، وتتجه مباشرة إلى الأشياء الأخيرة، والآثار والنتائج والوقائع باعتبارها هي القيمة الحقيقة في نهاية المطاف، وعلى هذا الأساس يتهم معارضوا البراغماتية بأنها مبدأ غير أخلاقي ومصلحي بحت، إلا أن هذه الاتهامات انحصرت بأصحاب الأفكار اليقينة الايمانية والاعتقادات الانتمائية (القومية والوطنية) التي تغلّب المبادئ على المصالح، لكن يوماً بعد يوم وجدت البراغماتية طريقها للتطبيق سيما في السياسة كونها أكثر عملية ومرونة في التحرّك والتلاعب والكسب، ولا تؤطرها المبادئ والاخلاقيات الجامدة، التي تبقى أفكاراً مثالية لا مكان لها في عالم السياسة المتحرك.

و يعتبر تشارلز ساندر بيرس (1839 ـ 1914 م) هو مؤسس البراغماتية ،(أول من ابتكر كلمة البراجماتية في الفلسفة المعاصرة)  فبيرس أول من استخدم هذا اللفظ عام 1878 وذلك في مقال نشره-في عدد يناير من تلك السنة-بإحدى المجلات العلمية تحت عنوان (كيف نوضح أفكارنا) وفي هذا المقال، يذهب بيرس إلى أن نحدد السلوك الذي يمكن أن ينتج عنها، فليس السلوك بالنسبة لنا سوى المعنى الوحيد الذي يمكن أن يكون لها. هوصاحب فكرة وضع (العمل) مبدأ مطلقًا ؛ في مثل قوله : "إن تصورنا لموضوع ماهو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر ". ويضيف "لكي نبلغ الوضوح التام في أفكارنا من موضوع ما فإننا لا نحتاج إلا إلى اعتبار ما قد يترتب من آثار يمكن تصورها ذات طابع عملي، قد يتضمنها الشيء أو الموضوع".

أما ديوي فقد وصف البراجماتية بأنها " فلسفة معاكسة للفلسفة القديمة التي تبدأ بالتصورات، وبقدر صدق هذه التصورات تكون النتائج، فهي تدعُ الواقع يفرض على البشر معنى الحقيقة، وليس هناك حق أو حقيقة ابتدائية تفرض نفسها على الواقع ".

وذهب وليم جيمس (1842 ـ 1910 م) في تعريفه للبراغماتية إلى أن المنفعة العملية هي المقياس لصحة هذا الشيء "إنها تعني الهواء الطلق وإمكانيات الطبيعة المتاحة، ضد الموثوقية التعسفية واليقينية الجازمة والاصطناعية وادعاء النهائية في الحقيقة بإغلاق باب البحث والاجتهاد. وهي في نفس الوقت لا تدعي أو تناحر أو تمثل أو تنوب عن أية نتائج خاصة، إنها مجرد طريقة فحسب، مجرد منهج فقط"

وكما يؤكد جيمس الذي طور هذا الفكر ونظّر له في كتابه " البراجماتية " Pragmatism ،بأنها لا تعتقد بوجود حقيقة مثل الأشياء مستقلة عنها.فالحقيقة هي مجرد منهج للتفكير، كما أن الخير هو منهج للعمل والسلوك ؛ فحقيقة اليوم قد تصبح خطأ الغد ؛ فالمنطق والثوابت التي ظلت حقائق لقرون ماضية ليست حقائق مطلقه، بل ربما أمكننا أن نقول : إنها خاطئة.

ويتوسع في دائرة العمل بحيث يشمل المادي والخلقي أو التصور، وتثمر هذه النظرة للعمل اتساع العالم أمامنا، إنه عالم مرن، نستطيع التأثير فيه وتشكيله، وما تصوراتنا إلا فروض أو وسائل لهذا التأثير والتشكيل.

ولاختصار الإحاطة بهذه الفلسفة فإن مدخل دراستها يقتضي تحليلها إلى مكوناتها الأساسية في النظم والقيم، فنحن أمام مقولتين :

الأولى : ازدراء الفكر أو النظرية.

والثانية : إنكار الحقائق والقيم.

أي بعبارة أخرى أكثر وضوحاً، فإن العمل عند جيمس خو مقياس الحقيقة " فالفكرة صادقة عندما تكون مفيدة. ومعنى ذلك أن النفع والضرر هما اللذان يحددان الأخذ بفكرة ما أو رفضها ".

وتلون هذه الفلسفة نظرة أتباعها إلى العالم. فإن العالم الذي نعيش فيه ليس نظرية من النظريات، بل هو شيء كائن، وهو في الحق مجموعة من أشياء كثيرة، وليس من شيء يقال له الحق دون سواه ! إن الذي ندعوه بالحق إنما هو فرض عملي ـ أي أداة مؤقتة نستطيع بها أن نحيل قطعه من الخامات الأولية إلى قطعة من النظام. ويلزم من هذا التعريف للعالم، أنه خاضع للتحولات والتغيرات الدائمة ولا يستقر على حال " فما كان حقاً بالأمس ـ أي ما كان أداة صالحة أمس ـ قد لا يكون اليوم حقاً ـ ذلك بأن الحقائق القديمة، كالأسلحة القديمة ـ تتعرض للصدأ وتغدو عديمة النفع ".

علِّق