صورة eiad
نشرت في .March 13, 2015

 

يارا مطر

وكأنما كتب القدر علينا أن نضحك مرغمين في شر بليتنا... أربع سنوات من النار والحصار والدمار، يخرج بعدها نبّاحو الجزار برشقة جديدة من صواريخ الاستحمار... سلسلة إعلانات أبدعتها كوكبة ساقتها لنا الأقدار...عبارات مزلزلة مهدت بخبث للانتصار... لوحات مهلهلة تكاد تنطق "يجعلها عمار"...

هكذا، وبعد أربع سنوات تجاوز هول المجازر خلالها كل التوصيفات، تفتقت عبقرية أجهزة المخابرات عن إعلانات تبشر بالحياة... تمخضت مواهب عناصرها فأنجبت مولوداً مشوهاً افترشت صوره الشوارع والساحات... مولوداً استعصى على قواميسنا الضحلة تصنيفه في سجل الكائنات...

لست أدري من أوحى لمنظري قيادتنا بأنها تحكم طبقة متنورة... بأنها تقود شعباً لبيباً يلتقط الإشارات  العابرة... نحن يا حكومتنا المبجلة من القاع... من الرعاع... تعجز مخيلتنا المحدودة عن فهم إبداعاتكم التي تفجرت في لحظة تجلّ... عن تقدير مواهبكم التي أغفلناها في لحظات تخلّ... نحن شعب أعزل تماماً من ملكة المحاكاة... نحن قطيع خلق ليجتر عنتريات قادتنا العتاة... نحن من أرهقتنا محاولات استيعاب رسائل الحياة في زحمة الحصار والنار... نحن من استوطن يومياتنا المضطربة هدير الطائرات... دوي الانفجارات... هلع الاعتقالات...

في إحدى محاولاتي المجنونة لإحياء فكري المستباح المترهل ... صعقني إعلان من طراز مخملي... "قد ما نفخت عليها ما بتنجلي"... عبارة أعيت تلافيف عقلي المتهالك المتآكل ... لوحة أصابت مداركي المتحجرة في مقتل... تصارعت التحليلات المتضاربة في داخلي... تعجلت التفسيرات المتزاحمة فنهرتها "أن تمهلي"... أقررت بانتمائي لصنف جاهل مغفل... صنف بأفق ساذج لا فكر راق "مخملي"...

ولم أكن وحدي من ارتكبت محاولة خرقاء في التفسير والاستقراء، حتى من استنجدت بهم من "المتنورين" أنهكهم التخبط والاستجداء... أيقنا في النهاية أننا كائنات برؤوس جوفاء...  هياكل هشة تشكلها حكومتنا كيفما تشاء... أقررنا بأننا مخلوقات تم تلقينها لسنوات أبجديات الصياح والنباح... لم تسعفنا وضاعة مداركنا في فهم رسائل التحضر والانفتاح ... لم تحتمل عقولنا المتصلبة رياح الإصلاح... جل ما استقر في أدبياتنا بعد عقود من الاستكانة والانبطاح، أنه في مملكة السفاح، بالبوط العسكري تداوى الجراح... بالقتل والسحل، والتهجير والتدمير يعيشها شعبنا "المرفّه" غير... بالاستغباء والاستهزاء، واستمراء الاستحمار تبارك الأرانب لرعديدها الانتصار...

وفي ختام اعترافاتنا المشوشة المُربكة، لا نملك سوى الاعتذار من حكومتنا المحنكة... فبرغم إشاراتها المكحلة بضوء النهار... برغم لوحاتها المكللة بصخب الانتصار... ما زلنا شعباً أحمقاً تتقاذفه الأفكار... ما زلنا نؤمن بالثورة ... بنزق الثوار... لم نوقن بعد بأننا شعب الله المختار... لم نتبلغ رسالته في "مبعوثه المنزل" بشار... لم ندرك أن سورية حقاً بخير... أن سورية في عرين أسدها "غير"...
 

علِّق