نشرت في .September 22, 2015

أثارت كلمات بسيطة كتبتها حول إيماني بأن الجنة حق لكل صالح من كل دين، غضب كثير من المتابعين الذين اعتبروا مزاحمة غير المسلمين لهم في الجنة عملاً دنيئاً، يفسد حقهم في الاستئثار بالنعيم المقيم، وراحوا يطالبون بإخراجهم من الجنة التي خصصت لنا نحن معاشر أهل السنة والجماعة دون سائر العالمين.
ومع أن الجدل في هذا اللاهوت من شأن كتب الكلام والعقيدة، ولكنني أحببت بالفعل أن أكتب هذه الكلمات معذرة إلى ربكم وذكرى لعلهم يتقون.


لقد آلمني أن يكون اعتقاد المسلم أن الله لا يتقبل إلا منا، وأن الناس مهما عملوا من خير فهم ملعونون مرذولون إلا إذا تركوا أديانهم ودخلوا في ديننا ولحقوا بأهل السنة والجماعة، وحين تذكر لهم الأعمال الصالحة الهائلة التي يقدمها محسنون غربيون تعد بالمليارات، ويذهب كثير منها إلى دول فقيرة إسلامية، يبادهك المحاور بسرعة إن هؤلاء المحسنين يأتون يوم القيامة: عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية، وأن الله لن يتقبل إلا منا، وأن الله يقدم إلى ما عملوا من عمل صالح فيجعله هباء منثوراً.

لا أدري كيف يتمكن المسلم من اعتقاد ذلك كله، وفي الوقت نفسه يؤمن بعدالة الله ورحمته.
قناعتي أن الناس من كل الأديان والأمم يصدرون يوم القيامة أشتاتاً ليروا أعمالهم، وأن قانون الحساب والجزاء في الآخرة هو: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.
والذرة لمن لا يعلم هي الهباب الذي يتصاعد غباره من السجاد حين تكنسه، والهبابة الواحدة منها يقال لها ذرة ولو قسمتها الى 24 قسماً فأنت هنا تملك قيراط ذرة أما لو قسمتها إلى 48 قسماً فانت هنا تملك مثقال ذرة وهذ هو الذي قال القرآن عنه إنه لا يضيع ثوابه يوم القيامة.
إنني أخجل بالفعل حين أقرأ هذا عن الله سبحانه، ثم أقرا لشيخ مسلم يجزم بدون تردد أن كل الأعمال النبيلة التي يقوم بها محسنون كرام من غير المسلمين هي رياء وسمعة لا أجر لها ولا ثواب فيها،  وأنهم مهما ظهر منهم العمل الصالح، فإنهم هالكون ساقطون ومآلهم إلى جهنم وبئس المصير.
ويؤلمني أن أصدقاء كثير يسرون لي بأننا مقتنعون بما تقول وأن مقتضى العدالة أن ينال المحسن ثواب إحسانه والمسيء ثواب إساءته، ولكن النصوص لا تساعد على هذا، وأن الجنة فقط من نصيب المسلمين وبشكل خاص أهل السنة والجماعة، وأن كل الأديان محكوم على أهلها جميعاً بالويل والثبور ونار السعير.
وتعتبر هذه المسألة من أشد المسائل الضارية في الصراع بين العقل والنص، فالعقل يأخذك إلى قبول عمل الآخر والنص ينكره، وأنت في تناقض رهيب بين عدالة الله وبين نصوصه، ولعله المعنى إياه الذي أشار إليه أبو العلاء المعري بقوله:
هذا الذي جعل الأفهام حائرة  ......  وصير العالم النحرير زنديقاً
ولكنني أعتقد بيقين أن عدالة الله تعالى ليست مسألة عقل فقط إنها مسألة نص أيضاً، وان دخول المحسنين من الأمم جميعاً إلى رغد الجنة هو أيضاً مسألة نصية، وأنه يمكنك في الواقع الاستدلال للفريقين بادلة النص، فالمؤمنون الذين يؤمنون بعدالة الله تعالى لديهم نصوصهم من القرآن، والذيم يرفضون ذلك ويرون أن الله ملزم أن يغلق باب الجنة علينا وحدنا لديهم أدلتهم في ذلك.
ولن أزيد في هذا المقال عن أيراد عشرة نصوص تدل لهؤلاء، وعشرة تدل لهؤلاء، وكلها قرآن كريم....
وبعد ذلك يجب أن نقول إننا جميعاً انتقائيون، فمن قبل ظاهر العشر الأولى تأول العشر الثانية، ومن تأول ظاهر العشر الأولى قبل ظاهرالعشر الثانية......  ومن رفض ذلك فقد كفر بعقله.....

الآيات التي تدل على نجاة الصالحين والطيبين من أي دين:
• فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره
• ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً
• وما يفعلوا من خير (أهل الكتاب) فلن يكفروه والله عليم بالمتقين
• وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
• ليس بامانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيراً
• ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا
• ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم
• وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً اولئك لهم أجرهم عند ربهم
• إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
• إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون

الآيات التي تدل على أن الجنة خاصة بالمسلمين دون سواهم:
• إن الدين عند الله الإسلام
• إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار
• إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية
• وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً
• لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة
• لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم
• ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
• لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن في الآخرة من الحاسرين
• والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم
• وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون

ليست هذه المقالة لتأويل اي من هذه النصوص، ولكنها تضع العقل في مواجهة الحقيقة، وتلزمك الاعتقاد بان القرآن الكريم حمال أوجه، وهو بستان حكمة كبير، وأن نصوصه محكومة بأسباب نزولها وظروف تنزيلها، وهو نور يهدي، وليس قيداً يأسر، وأن على من  يختار نصه من القرآن الكريم أن يدرك تماماً أن الآخرين لهم نصوصهم، ويبقى الحكم على ذلك كله هو عدل الله ورحمته، وما يتفرع عنها من الإيمان بمقاصد الإسلام الكبرى من العدالة والحكمة والمساواة وتوحيد الخالق سبحانه.
 

التعليقات

لاحظ يافهيم ان شرط دخول الجنة هو من اسلم وجهه لله ومن هو مؤمن انت بادعائك ان الصالح من كل الاديان يدخل الجنة ماهو الا هرطقة وقلة علم وهذا مبدا لاتقبله في حياتك الدنيا فضلا عن الاخرة فلو ان كلية الطب اعلنت عن عدة اختصاصات طبية ثم جاء طالب هندسة مهذب وذكي وتقدم فرفضته الكلية فهل تعتبر ان الكلية ظالمة وان المسؤولون عنها ظلمة ..تبا لك ولفكرك العفن
سيد يمان لاحظ مستوى تعليقك و تطاولك و قلة أدبك الذي ينم عن مجرد حقد و أنك لم تقرأ و لم تفهم ما هو مكتوب؟! الدعوة للمحبة و السلام و التحضر يجب أن تقابل بالترحاب من جميع الأطراف و كفانا اقتتالا و دموية و لوم بعضنا البعض على أشياء نعلم جميعا أننا كلنا مخطئون فيها
كم. أنا فخور بديننا الحنيف وفخور. أيضآ بك. وبتفكيرك المحق وشرحك الجميل فالسماحة الإلهية لا حدود لها

الصفحات

علِّق