نشرت في .October 05, 2015

 

* خاص السوري الجديد- مؤيد اسكيف


أفرجت السلطات التركية مساء الاثنين 5 تشرين الأول عن المحتجزين اللاجئين من مخيم العثمانية، والذين تم إلقاء القبض عليهم بعد إغراق مركبهم في المياه الإقليمية التركية وهو في طريقه إلى اليونان ما أدى حينها إلى مقتل ثلاثين مهاجراً، وقد وقعت الحادثة صبيحة الخامس عشر من شهر أيلول/سبتمبر الماضي، تبعها قيام خفر السواحل التركي بانتشال الناجين وعددهم 107 أشخاص بينهم أطفال ونساء واحتجازهم في مخيم العثمانية في ولاية أضنة، في ظل ظروف إنسانية سيئة، حتى أن جميعهم قضوا فترة الاحتجاز بالثياب التي غرقوا بها مع استحالة القدرة على التواصل مع العالم الخارجي.
وبعد الافراج عنهم منحت السلطات التركية المتحجزين مهلة خمسة عشرة يوما حتى يتمكنوا من تسوية أوضاعهم القانونية داخل تركيا.

 

#مهجرون_لا_مجرمون
يأتي ذلك بعد حملة "مهجرون لا مجرمون" التي أطلقها ناشطون سوريون، وذلك بهدف الإفراج الفوري عن المحتجزين، خاصة وأن السلطات التركية كانت تقوم بإعادة مثل هذه الحالات إلى المناطق المحررة في سوريا، وهوما يضع اللاجئين أمام خيار الموت وجهاً لوجه مرة أخرى بعد أن هربوا منه من مختلف المحافظات السورية، فقادهم حظهم العاثر ليكون مركبهم مكشوفاً لخفر السواحل التركي،  ما سهّل عملية إغراقه كجزء من محاربة الهجرة غير الشرعية التي تقوم بها السلطات التركية مؤخراً.
أطلقت الحملة بعد تسرب معلومات عن عملية الإغراق واحتجاز الناجين، و بعد ثبوت الأمر بالأدلة القطعية وجمع إفادات الشهود، ليتبين فيما بعد بأن أعداداً أكبر من تلك قد تم إلقاء القبض عليهم من مدن تركية مختلفة، واحتجازهم في مواقع مختلفة، و هذا مادفع بعض المنظمات الدولية إلى زيارة مكان الاحتجاز والوقوف على الحالة.
يقول أحد المنظمين للحملة بأن عددا ممن ألقي القبض عليه يعمل متسولاً بالفعل، ولكن هناك أعداد كبيرة ألقي القبض عليها و تم احتجازهما ولم يكن لها علاقة بالتسول، وإنما كانوا ينوون الهجرة إلى أوربا، ويبدو ذلك واضحاً من خلال تواجدهم في نقاط انطلاق عمليات التهريب، ولذلك ألقت السلطات التركية القبض عليهم، والمخاوف كلها كانت من إمكانية إعادتهم إلى سوريا، وبالفعل اكتشفنا أنه تمت إعادة بعض السوريين إلى المناطق المحررة. وصرنا نقلق على مصير بقيةالناجين من المركب الغارق.

 

مواطنون عاديون
عن الحملة تقول سرى علوش إحدى المنظمات  والمتحدثة الإعلامية باسم الحملة بأن فكرتها تشكلت من مجموعة من المواطنيين السوريين العاديين الذين تضامنوا مع القضية، وبعد اجتماع على السكايب - حيث أن كل عضو يقيم في بلد- تم وضع مخطط لسير الحملة وآليات التنفيذ، وكان اعتمادنا في ذلك على التواصل المباشر مع أعضاء الإئتلاف بالدرجة الأولى من أجل القيام بواجباتهم ومساعدة المحتجزين من خلال العمل على الإفراج عنهم و منع إعادتهم إلى سوريا، كما قمنا بالتواصل مع بعض المسؤولين الأتراك من خلال المكالمات الهاتفية و رسائل الفايبر و غيرها من أدوات الإتصال، من أجل النظر إلى الأمر من زاوية إنسانية بما ينسجم مع مواقف تركيا في تقديم التسهيلات للاجئين السوريين.
وتضيف علوش:
لم تكن المهمة سهلة، إذ أن البعض كان يهاجمنا ويعتقد أننا نتصيد للمواقف التركية، والبعض الآخر كان لا مبالياً، و قلة فقط من الذين اتصلنا بهم تجاوبوا معنا، خاصة في المعارضة السورية، وكنا نبذل جهداً إضافياً فقط من أجل التأكيد على أن قضيتنا إنسانية و تستوجب كل تحرك، من أجل مساعدة الهاربين من الموت والذين غرقت أحلامهم مع غرق المركب الذي كان يقلهم إلى شط الأمان.

 

روح الفريق
من جهته يقول المحامي غزوان قرنفل المسؤول عن الملف القانوني في الحملة، بأن إصرار القائمين عليها ساعد بشكل كبير على تحديد نتائجها، وبالتالي فإن نجاح العمل ماهو إلا انعكاس لروح الفريق وحرص الجميع على دعم قضية أخوتهم وأهلهم المحتجزين في المخيم، وهذا ما يؤكد إمكانية تحقيق اختراقات مهمة في الكثير من القضايا لو تم العمل عليها بشكل صحيح و لو تكاتفت الجهود كلها لخدمة الهدف.
ويضيف قرنفل:
"لقد كان لعملية التواصل الشخصي مع الشخصيات المعنية و تكثيف الاتصال بها والضغط عليها، إضافة إلى التواصل مع المنظمات الدولية المعنية و وسائل الإعلام الدور الأبرز في إنجاح الحملة، و إيصال صوت هؤلاء الناس إلى المسؤولين الذين يمتلكون صلاحية إصدار القرار المناسب"

 

أفكار جديدة
السيدة "ر – ب" وهي المنظمين في الحملة من الداخل السوري تقول بأن: "تجربة العمل الجماعي في الحملة كانت متميزة، وكان لبعض الأفكار الجديدة دور في حسم النتيجة، حيث تعتبر عملية التواصل الشخصي من قبل أعضاء الحملة مع المعارضين السوريين والمسؤولين الأتراك، وتكثيف عملية التواصل والإتصال حالة جديدة ومفيدة وناجعة، خصوصاً و أن معايير محددة تم الالتزام بها في عملية التواصل، منها أن يعرف المتصل عن نفسه كمواطن سوري عادي، و كنا حريصين على التمسك بكلمة "عادي" للتأكيد على طبيعة الحملة التي تستهدف مناصرة الناس العاديين ممن لا نصير لهم، و بالتالي و بصفتنا مواطنين عاديين ايضاً فإننا نضع المعارضين السوريين أمام مسؤولياتهم في مساعدة الضحايا، ودفعهم للتحرك بشكل عملي والتدخل".
تضيف السيدة "ر – ب" :
"كنا نعيد الإتصال بالمعارضين مرات ومرات، وبعضهم كان يرمي المسؤولية على معارضين آخرين، وبعضهم كن يهمل كل اتصالاتنا .. ولكن البعض الآخر وهم قلة كانوا يتعاونوا معنا ويقدمون لنا الوعود بالمساعدة على الإفراج عن المحتجزين وعدم إعادتهم إلى سوريا"

 

الحملة مستمرة
رامي العاشق أحد المنظمين للحملة يقول:
"كانت الحملة جديّة بكل لحظة، وسعينا بكل ما نستطيع لحل المشكلة، نجاحنا (الجزئي) اليوم لا يجب أن يجعل الحملة تتوقف، ما زلنا نريد التحقيق في حادثة الإغراق ومقتل 30 سوريًا، ومازال 60 سوريًا تحت الاحتجاز التعسفي بدون تهمة فقط لمجرد الاشتباه بهم في شوارع المدن التركية.
بالطبع حملات الضغط  الشعبي تنجح إن كان أصحابها مؤمنين بها، قد لا نستطيع تغيير العالم، لكننا نستطيع التشويش والبلبلة والإزعاج ورفع الصوت والصراخ حتى يسمعنا جميع الناس، قضايانا محقة وعادلة وعلينا أن ندافع عنها بكل ما نستطيع".

الجدير بالذكر أن عملية الإفراج عن المحتجزين أتت بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تركيا لن تعيد أي لاجئ إلى سوريا، وذلك بعد ان نجح القائمون على الحاملة في ايصال الصوت إلى مكتب رئيس الجمهورية التركية.

 

 

علِّق