عدد القراءات: 2359

الثورة السورية، والتدخل الروسي، والعقبة الكبرى

 

* لؤي صافي

لؤي صافي.jpg

 

تكهنات كثيرة حول قرار الرئيس الروسي سحب القوة العسكرية الروسية التي أرسلها إلى سورية لحماية النظام وقلب الموازين لصالحه. المعلومات حول الأسباب الحقيقية للإنسحاب قليلة، والتفاهمات الدولية والإقليمية حول الصراع غير معلنة، مما يترك مساحة كبيرة للظنون والنظريات والاحتمالات.

 

ولكن بغض النظر عن الأسباب والغايات ثمة نقاط واضحة حول التدخل الروسي وقرار الإنسحاب، وتداعيات ذلك على مفاوضات جنيف.

أولاً: تمكن الاسناد الروسي الجوي من تأخير إنهيار النظام العسكري، ولكنه عجز عن إعطائه التفوق الضروري للوصول إلى الحسم العسكري الذي ما فتئ الأسد يتحدث عنه منذ خمس سنوات دون أن يدركه.

ثانياً: تلقت المعارضة العسكرية ضربات قوية، ولكن صمودها رغم تعدد جبهات القتال أعطاها خبرة عسكرية جديدة وزخما نفسيا وروحيا أعلى لمواجة النظام مواجهة فعالة في المراحل القادمة.

ثالثاً: أظهر التدخل الروسي أن قوى النظام تعاني مشاكل كبيرة على مستوى الروح القتالية والأداء العسكري، وأنها رغم التفوق الجوي لم تكن خصما مكافئا لقوى الثورة.

رابعا: التطورات العسكرية الأخيرة والاعتماد الكامل للنظام على الميليشيات الشيعية للاحتفاظ بوجوده يشير إلى أنه يفتقده السيادة على الأرض، ويشير إلى غبثية تحقيق أي حل تفاوضي معه في غياب الإرادة الأقليمية والدولية لإجباره على الدخول في عملية نقل السلطة.

أخيراً: عجز النظام عن تحقيق حسم عسكري رغم الظروف الاستثنائية التي أتيحت له يضعه أمام مرحلة أشد صعوبة من التي سبقتها، مع تناقص مصادره المالية والوضع الاقتصادي الدولي الذي لن يسمح لحلفاؤه من استثمار كثيرا للحفاظ عليه.

 

التدخل الروسي والإيراني، وتنكر المجتمع الدولي للثورة وإرادة الشعب السوري في الحرية، لم يضعفا عزيمة الشعب السوري الحر في تحقيق حريته، كما أظهرت مدينة داريا التي لا تبعد عن مركز دمشق سوى بضعة أميال. وقدرة الشعب السوري على امتصاص آلة القتل الروسية الوحشية، والصبر المجازر العديدة التي اتكتبتها القيادة الروسية في سورية دليل على إصاره على نيل حريته وكرامته. النظام الذي حكم سورية بالحديد والنار، وبالعجرفة والتصلف المقيتين انتهى، والمرحلة القادمة ستولد حالة جديدة تتطلب مقاربة مختلفة. قلب الموازين السياسية لصالح المعارضة خطوات مطلوبة، ولكن التحديات التخطيطية والتنظيمية لا زالت هي العقبة الأشد خطورة التي تواجه قوى الثورة والمعارضة السورية!

 

علِّق