هي جينات الحمير تستجدي حزمة الشعير

لا تلوموه فقد نشأ في رحم الحظيرة... لا تتقفوا في بيداء بهائميته نذر آدمية يسيرة... انتزعوه من حضن البشر وزرعوه في أحشاء نطيحة مستباحة أسيرة... وحشروه رقماً أبكماً بين حشود البهائم الغفيرة... ولقّنوه أن عرين أسده تقوضه فضائية مسمومة أجيرة... وأوهموه أن عرش إلهه  تحطمه أبالسة "الجزيرة"...

لن يشذّ الرجل عن باقي القطعان المترعرعة على روث السجان... لن يتمرد "الباسل" على جدران حظيرته المدعمة بقضبان الطغيان... ولن يفقه الأبله معنى اجتراح آدميته المطوقة ببالي الأكفان... فهو كائن مدجن على ابتلاع فروض الإذعان... هو مخلوق أخرق نشأ بين الخرفان  والثيران... وهو رقم هامشي في عداد الأوغاد من شبيحة ونبيحة وزعران...

أتفرس بحوافره تلطم وجوه ضحاياه بإصرار جرو صرعه السعار... أحدق بعنجهيته المتورمة في حضرة هيكل بائس طعنته الأقدار... وأتساءل عن صنف الحيوان الذي ينتمي له ذلك الفارس المغوار... فلا هو كلب ينتشي بضجيج النباح... ولا ديك احترف أبجديات الصياح... ولا هو ثور يستثير هياجه صخب الخوار... ولا أسد يستجر الزئير من طرائده بأمر البسطار... جل ما كان يطربه سيمفونية النهيق المرجوم بجمرات الاحتقار... كل ما كان يفرحه رفس فرائسه بلسعات سوط من لهيب النار... وجل ما استقر في تنشئتنا المحكومة "ببعث" مصاب بحمى التكرار والاجترار، أنه لا يركن "لهدهدات" السوط والنهيق سوى الحمار... ولا يحمل عقيدته العسكرية على ظهره أسفاراً سوى بقايا البهائم من حماة الديار... ولا تشفع التوسلات لرماد لقيط شارد من ماخور يديره حفنة من الفجار...

أتتبع بنهم نوبات هياجه وأتساءل كم شرب المعتوه من ترعة الأسد حتى ارتوى... أفكك بحيرة طلاسم ألوهية جهنمية تلحفها جرذ مستأسد وعلى عرشه البهائمي استوى... وأتقفى بحذر خطايا شعب أحمق تجرع أحقاد عصابة مارقة حتى اكتوى...

 

وأتقصى بحياء كلمات تردم آدمية العائلة المغدورة... وأنبس بخجل بهمسات تلثم شظايا أفئدتهم المبتورة... وأهدر بزئير بركان يصفع بحممه أرجاء المعمورة: "لن نسامح ولن نرحم... لن نندب آدميتنا بمأتم... هو قدرنا المرسوم على جمر أبكم...هو صبرنا المرقوم على مر العلقم... وهو نصرنا الموشوم على أوتاد من دم... وهو نصرنا الموشوم على أوتاد من دم".

علِّق