نشرت في .November 25, 2015

  * أحمد مظهر سعدو       

أحمد مظهر سعدو.jpg  

لعل أي نظرة موضوعية لما يجري في سوريا، وأية قراءة متأنية للحالة السورية عبر سنواتها المنصرمة، وخاصة الأشهر الأخيرة منها، يضعنا ضمن حالة من الفوات لم يسبق لها مثيل، و يحيلنا الى ملاذات عنفية حاقدة، طالت الأخضر واليابس، فقتلت الأطفال والنساء والشيوخ، ودمرت الحضارة، وحرقت المزروعات، وهجرت ما تبقى من البشر، الى منافي الأرض شرقا وغربا , وخلقت من الواقع السوري بناءً متهالكاً , أو أن بعضه آيل للسقوط في أحسن الأحوال .

 

فقد أسفرت الغارات الجوية العدوانية التي شنتها الطائرات الحربية الروسية على المحافظات في سوريا، ومنذ ما يزيد عن شهر ونصف الشهر، عن استشهاد /403/ من المدنيين بينهم /97/ طفلا ، دون سن ال/18/ من العمر و69/ امرأة حسب تقديرات وتوثيقات أولية ... ولقد أكدت جميع المصادر أن الروس يقصفون المشافي المدنية والميدانية أيضا،  مثل مشفى غرناطة ليتجاوز عدد المشافي المستهدفة حتى الآن  /12/ مشفى، وبشكل متعمد يستهدفون عددا من المدارس ومخيمات المدنيي،, وهم يعرفون بالتأكيد أن مشفى غرناطة هو مشفى متخصص بالتوليد والأطفال .

لقد باتت روسيا -كما يؤكد معظم المتابعين للشأن السوري -جزءاً من الحرب ضد الشعب السوري، ولم يعد ينظر اليها الشعب السوري الا كعدو، لأنها شريك في القتل. من هنا فلا يمكن ان تكون شريكا في الحل.

بينما العالم أجمع يلوذ بالصمت المطبق...إنه صمت القبور، وصمت الموافقين على القتل والتدمير، بدعوى استهداف المجموعات الإرهابية من (داعش) او سواها وهي كذبة كبرى، أثبت الواقع فشلها وكذبها، والصور الموثقة لكل شيء تؤكد ذلك، والميدان في الداخل السوري يبين ذلك.

انهم (يرتكبون الفظاعات) حسب تعبير الأمم المتحدة، ويرتكب النظام ومعه الحلف الفارسي الحزب اللاتي، ما هو أفظع منه، عبر القصف العشوائي الذي يمارسه النظام، ومايزال يحصد القسم الأكبر من القتلى المدنيين في البلاد حسب توصيفات الأمم المتحدة أيضا.

ومع ذلك فما يزال أهل المعارضة يهرولون الى موسكو من كل حدب وصوب، التماساً لحوار مع الروس، وسوى الروس، وصولا الى مالا ندري ما هو ؟!!

وهم أي الروس والفرس والنظام مستمرون في القتل والتدمير، لشعب آمن خرج مطالبا بالحرية والكرامة ليس الا. وكأن الحرية حرام على شعب سوريا، حلال لسواه.

لقد دفع الشعب السوري حتى الآن ضرائب شتى من أرواح أبنائه، من أجل الحرية والكرامة. ففي الزبداني لوحدها، هذه المدينة الصغيرة الجميلة الوديعة، التي لا يتعدى عدد سكانها /35/ الف نسمة استشهد منها حتى الآن /739/ شهيد , و /2500/ معتقل , منهم عشرات الشهداء تحت التعذيب , ولدى الزبداني لوحدها /200/ معتقلة من خيرة نسائها ..

خرجت الزبداني مدينة مدمرة ثمنا لثورة أبنائها على هذا الطاغوت الظالم، ولم يبق من ثوار الزبداني داخل الحصار اليوم سوى /965/ ثائر محاصر في ثلاثة أحياء منها، بعد أن استبسلوا في الدفاع عنها، وحيث ما يزال تنفيذ اتفاق الزبداني / الفوعة متعثراً. اذ لا عهود ولا مواثيق لنظام فاجر دأب منذ السبعينيات على القتل والخراب، والكذب والنفاق. الزبداني مثالا صغيرا لشعب سوري كله يشبه الزبداني. ولسان حاله يقول: لسنا بحاجة الى رجال. فباستطاعة ابناء المدينة الدفاع عنها.

النظام السوري استخدم كل ما يملك من آلة للحرب، كان قد اشتراها شعب سوريا من أجل تحرير أرضه، ليقتل بها هذا النظام شعبه وليدمر بلده.

والحقيقة التي اعترف بها جار النظام، وشريكه في الحرب ضد الشعب السوري، حيث أكد العدو الإسرائيلي، على لسان ضابط كبير في الجيش الصهيوني أن النظام السوري استخدم أكثر من 90% من صواريخه البالستية، ضد مقاتلي المعارضة، خلال الحرب المستمرة في سوريا، وأن عددا قليلا منها نقل الى مقاتلي حزب الله في لبنان.

كما أكد الضابط أن عدد الصواريخ البالستية السورية المتبقية أقل من 10%، مضيفا: ما زال من الممكن أن يتغير هذا حيث يمكن أن يبدؤوا في تصنيعها من جديد أو استيرادها.

وبالفعل وكما يؤكد السوريون في الداخل، فان النظام أطلق عشرات الصواريخ من طراز سكود على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة من ترسانة الصواريخ البالستية، التي يعتقد ان عددها كان بالمئات قبل عام /2011/.

وكانت قد وسعت إسرائيل قبل ذلك نظام الدفاع الصاروخي (آرو) بمساعدة الولايات المتحدة.

وهي تراقب الصواريخ التي يمتلكها النظام مراقبة جادة ويومية، من طراز (سكود) الى جانب الصواريخ الايرانية طويلة المدى من طراز (شهاب) بوصفها مصادر تهديد محتمل.

وأكد المصدر الصهيوني أن (حزب الله) لديه الآن أكثر من 100 ألف صاروخ صغيرة، بينها نحو عشرة صواريخ (سكود – دي) متقدمة وتحمل رؤوسا حربية تقليدية أمده بها النظام السوري.

ومع كل هذا، وبعد كل تلك المعاناة التي يعيشها الشعب السوري المهدور والمقهور، يخرج علينا المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية (بن كارسون) ليشبّه الهاربين من قصف بشار الأسد بالكلاب المسعورة، فبدلا من ادانة النظام الذي قتل /400/ ألف مدني، وهجر ما يزيد عن نصف الشعب السوري، جاءت تصريحات (بن كارسون) في جولته الانتخابية في مدينة (موبايل) بولاية (ألا باما) ليطالب الأميركيين باتخاذ تدابير كتلك التي يتخذها المجتمع من أجل حماية الأطفال من الكلاب المسعورة.

حيث قال: يجب أن نتبع آليات للفرز، من أجل تحديد الكلاب المسعورة بكل صراحة، ومن هم الأشخاص الذين يريدون القدوم الى هنا وإلحاق الضرر بنا ويريدون تدميرنا. ودعا كارسون الى اعتماد آليات تدقيق لتمييز الكلاب المسعورة.

ولم يكن منافسه (ترامب) الملياردير الأمريكي، بأحسن منه عندما صرح قائلا: أدعو بلادي لتنفيذ سياسات صارمة في رصد ومتابعة الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، مطالبا ببطاقة هوية خاصة بهم. وقال انه لا يعارض تأسيس قاعدة بيانات لكل المسلمين في الولايات المتحدة. داعيا لفرض رقابة مشددة على المساجد في البلاد.

ثم تعهد (ترامب) في حال فوزه بطرد اللاجئين السوريين. كل ذلك يأتي في وقت أقر فيه مجلس النواب الأمريكي اجراء يعلق استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين، في تحد لتهديد (أوباما) باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد التشريع.

ويبقى حال شعبنا السوري المهدور والمحارب في كل الاتجاهات، لا يخفى على أحد. ويؤكد من جديد على أهمية وحدة كل أطياف المعارضة المسلحة وغير المسلحة. السلمية وغير السلمية، في مواجهة مخططات غاية في السوء تنال من الشعب السوري، ومن وحدته أرضا وشعبا، وتؤكد بأن الذين يدعون صداقة الشعب السوري يكذبون عليه. بل هم لا ينفذون سوى مصالحهم ليس الا.

 

علِّق