عدد القراءات: 11125

فلنعترف بالحقيقة

- يعيش قريبي في الامارات منذ قرابة ثلاثين سنة، تخرجت أجيال من الشباب الاماراتي من تحت يديه بحكم عمله كمدرس، لكن حتى اللحظة ما يزال اسمه (اجنبي) في كل الورقيات الرسمية، وما زال يجدد اقامته سنوياً، ولا زالت حياته في هذا البلد مرهونة بيد (كفيل).
- مئات الألوف من السوريين يعملون في دول الخليج منذ عقود، ولم يستطيعوا أن يستجلبوا حتى فيزا زيارة (بدون أي حقوق أو ميزات) لأقاربهم من الدرجة الاولى ممن يعيشون تحت براميل الموت في سورية.
- آلاف من السوريين وعائلاتهم سجنوا أو شُردوا أو طُردوا من مصر بعد الانقلاب فقط لكون مرسي -خصمه السياسي- سبق وأن رأف بحالهم يوماً.
- نصف من أعرفهم من اللاجئين السوريين في أمريكا أتوا من الدول العربية وسيما الخليج معظمهم كان مستقراً هناك و يعمل و يتكسّب براحة.
هل عرفتم لماذا يعرّض السوريون حياتهم للخطر والموت غرقاً أو اختناقاً في سبيل أن يصلوا للغرب؟

الموضوع ليس مادياً فقط، بل لأنهم يخافون على مستقبل اولادهم و لا يشعرون بالأمان في الدول العربية والاسلامية، ولأنهم يؤمنون يقيناً أن الغرب يحترم إنسانيتهم، ويحمي أولادهم، ويحفظ حقوقهم الدينية والثقافية، ويعترف بهم كمواطنين متساوين مع السكان الاصليين لتلك البلاد.
منذ البارحة وأنا اقرأ عشرات الدراسات والفتاوى والدروس والخطب عن تحريم واستكراه السفر للغرب، سواء لدواعٍ دينية أو ثقافية أو اجتماعية... قلة قليلة منهم من أتى على ذكر البلدان والشعوب العربية وما تفعله بالسوريين.
الموضوع لا علاقة له بالحكومات فقط كما يطيب لنا تلخيص القصة، بل بالشعوب العربية ايضاً، فحتى اللحظة لم نرَ أية حركة مدنية في الدول العربية تدعو دولها لاستيعاب اللاجئين السوريين، بل إن الشعوب العربية هي ذاتها عنصرية ضد ابناء جلدتها، فالخليجي ينظر لك كأجير جاء يأخذ فلوسه، والأردني يراك كمتسول، والعراقي يراك كسنّي، واللبناني يراك كتهديد ديموغرافي، حتى نحن السوريون -ضحايا اليوم- نعيش هذا المرض ولا نستطيع استثناء أنفسنا؛ هناك فلسطينيون ولد أجدادهم في سورية  ورغم ذلك كنا نعيرهم بأصولهم ونذكرهم دوما بأنهم مجرد ضيوف مؤقتين وعليهم أن يلتزمزا الادب.
علينا أن نعترف بالحقيقة، نحن نعيش أزمة أخلاق وثقافة عميقة جداً، وليس لدينا أدنى فهم لمسائل العدالة والمواطنة والحقوق الانسانية.
أقول هذا الكلام لنا جميعا، ولكي يصمت منا من يلقي اللوم على الآخرين وعلى الغرب، ويستصرخ فينا عصابة الدين والقومية..... يجب أن نخجل بما نحن عليه، ونكفّ عن اعطاء الدروس للآخرين.

نحن فعلياً لا شيء أمامهم...لا شيء أمام مظاهرات شعبية تحدث في ألمانيا والنمسا والسويد تدعو دولها لاستقبال لاجئين مسلمين سيعيشون على ضرائبهم و يعادون ثقافتهم، في الوقت الذي ننظر فيه نحن للمسيحيين من أصحاب الأرض الاصليين في بلادنا كضيوف أو من بقايا الصليبيين..!!!.

علِّق