حول الكتاب:
الصراع داخل المجتمع المسلم حول مصدر الشرعية السياسية وطبيعة النظام السياسي الأفضل مستمر منذ بدايات القرن الثامن عشر الميلادي، مذ أن بدأ السلاطين العثمانيون...
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣) أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (١٨٤) شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (١٨٥)
النص يتحدث عن عبادة فُرضت في السنة الثانية للهجرة ، فرضت وكتبت كما كتبت على الأُمم السابقة ولكن بكيفية مختلفة ، الفرض سيغطي مساحة زمنية محسوبة، لكنه يستثني المسافرين ، والذين يعانون الإرهاق الشديد بصيامهم مما يجعله فوق طاقتهم ، واللغة تتسع لهذا الفهم ، فالوسع مصطلح فوق الطاقة ، إنه اسم لمن كان قادراً على الشيء على وجه السهولة أما الطاقة ، فهو اسم لمن كان قادراً على الشيء مع الشدة والمشقة ، فقوله: (وعلى الذين يطيقونه) أي وعلى الذين يقدرون على الصوم مع الشدة والمشقة ، قال ابن جني: أما عين الطاقة فواو كقولهم: لا طاقة لي به ولا طوق لي به ، وعليه قراءة (يطوقونه) ، والإطاقة كما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: الطاقة اسم لمقدار ما يمكن الإنسان أن يفعله بمشقة، إما المسافرون الذين لا يعانون من مشقة فالأفضل لهم الصيام ، (فمن تطوع) الفاء هنا للإفصاح، أي إذا كان قد كتب عليكم الصوم ويسره الله تعالى عليكم بالرخص التي رخص بها ، (فمن تطوع خيراً ) أي فمن قصد الطاعة، وتكلفها قاصدا الخير فهو خير يدخره الله له يوم القيامة، فالتطوع هنا ليس النافلة فذلك اصطلاح فقهي لا تخضع له عبارات القرآن في دلالاتها لأنها سابقة عليها ، بل تخضع للغة، والآثار النبوية ، والتطوع هنا هو المبالغة في الطاعة قاصدا أو طالبا خيراً، وقوله تعالى: (وأن تصوموا خير لكم) تحريض على القيام بالواجب المفروض ، النص هنا يتحدث عن فئة يباح لها الإفطار لاحتمال الضرر ولكنها قررت الصوم فقرر الشرع منحها فسحة من الثواب لأن القاعدة كلما أمكن العمل بالصوم كلما كان أفضل .
١- يفصِّل النص مفهوم الأيام المعدودات بشهررمضان وهو زمن محدد ومنضبط بترتيب الشهور القمرية ، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ، فلا يصح التلاعب به وإزاحته حتى نحصل على ظروف مناخية أو جغرافية غير مزعجه ، نترك الزمن المعين ونعتمد درجات الحرارة وطول ساعات الليل والنهار علة للحكم ، إنها علة غير منضبطة ومزاجية فلايصح سحب الشهر القمري بمدلولها ليلحق بالشمسي كمايدعي الكاتب.
٢- شهود الشهر يعنى رؤيته أو العلم به ، وهو خطاب عام ويراد به الخاص ، لأن الغير مخاطبين بالتكليف وشهدوا الشهر المفروض أن لا يشملهم ( المرضى والأطفال والشيوخ والمسافرون ) ، أما الذين يعيشون في القطب ولايرون إلا ليلاً دائماً أو نهاراً دائماً ، أو يقضون أغلب ساعاتهم في النهار بينما يكون الليل قصيراً جداً، أو الذين يمارسون أعمالاً شاقة ، فهم مخاطبون لأن التكليف لايشترط الجغرافيا أو طبيعة العمل طالما أنهم يشهدون الزمان الرمضاني بالعلم بخبر أو رؤية ، لكن هناك آليات وقواعد تعمل على تقديم حلول عملية لمشاكلهم ، كالانقياد لتوقيت مناطق أُخرى كمكة مثلاً ، ومنح رخصة أو حالة اضطرار تصل لحد جواز الإفطار للأعمال الشاقة ، الإفطار بدون عذر لا أعتقد أن النص يمكن يقدم فهماً له ، بل الصيفة واضحة بالفرضية باستعمال (كتب عليكم ) ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )
٣- زمن النبوة يوحي المراد من هذا المصطلح نفي السنة ، وحصرها في مفهوم الشعائر وهي العبادات ومايستتبعها ، واعتبار زمن التنزيل مرحلة تاريخية وليس زمن تشريع ، بمعنىً آخر إسقاط كل الأحاديث والآيات المتعلقة بالتشريع والأخلاق ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، ماهي الأُسس الشرعية والعقلية واللغوية التي قام عليها هذا الانتقاء وهذا الحذف ؟ المنطق يقول أن وظيفة الرسول كمبلغ كل لايتجزأ ، وأن الانتقائية تطرح مسألة التشكيك في كل مصداقيته عن الله ، علماً بن الدين في النهاية خبر عن السماء ينقله شخص تم أختياره ، إن كل ماتبقى من الدين في نظر الكاتب هي الشعائر ، وكل ما تم طرحه بالمصحف من تشريعات وقيم دينية حالة متخلفة ، و سيتم التعويض عن قصورها لتوقف الوحي ، بمتابعةٍ من تطور المجتمع وقوانينه والأنظمة ولوائح حقوق الإنسان ! بهذا الفهم نحن لسنا أمام عقل تجديدي ، نحن للأسف أمام عقل تفكيكي وعبثي !
٤-(وقوام الإسلام هو العمل الصالح أي القيم التي جاء بها الرسل، وتراكمت تدريجياً ابتداءً بنوح وانتهاءً بمحمد (ص)، حتى وصلت اليوم في عصر ما بعد الرسالات إلى حد تجاوزت فيه قوانين حقوق الإنسان ما جاءت به الأديان) ، كيف للكاتب أن يجمع بين نصه و هذه الآيات : (٨٤) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (٨٥ ) آل عمران ( ١٦٠) قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (١٦١) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (١٦٢) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (١٦٣) الأنعام {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)} [الأنعام
٥- من مستلزمات الشعائر كمفهوم ومصطلح ، أنها علامات وهيئات ومواقف وأمكنة وأزمنة محترمة اجتماعياً ومعظمةً شرعاً ، وهذا يستدعي إلقاء الجزاء على من يخترقها أو يهينها ، هذا عرف قانوني سائد في كل الدول ، ولايتنافى مع مفهوم الحرية ، لأنه جزء من التعاقد الاجتماعي ، فلماذا يتم القفز فوقه لتبرير إهانة الشعائر بمنطق الحرية الشخصية ؟
٦- الكفارة والفدية الفدية هي البدل الذي يتخلص به المكلف من مكروه توجه إليه . الكفارة مصطلح يحمل معنى العقوبة بسبب انتهاك أو إثم ، ويحمل معنى العبادة لأن إصلاحه يكون بعبادة كالصوم أو الصدقة أو العتق الادعاء بأن الكفارة ( فالكفارة تكون لتغطية إساءة بحق الآخرين) غير دقيق ، وأبسط دليل على ذلك كفارة الحنث باليمين {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، واحفظوا أيمانكم، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون} [المائدة:٨٩/ ٥].
التعليقات
رد
إلى صاحب : رد
رد على التعليق
THANK YOU أبو بشار الحريري
في الحقيقة قام الكاتب بنسخ
رد
رد
رد
رد على اخر تعليق لاحسان
رد
متابعة رد على تعليق أبو بشار الحريري
علِّق