صورة eiad
نشرت في .March 02, 2015


انتهيت منذ بضعة أيام من مشاهدة حلقات الجزء الأول من مسلسل ماركو بولو الذي يحكي قصة حرب المغول بقيادة قوبلاي خان حفيد جنكيز خان ضد امبرطورية سونغ الصينية التي كانت تحتمي من هجمات المغول خلف سور الصين العظيم.
ما يهمني من هذا المسلسل هو الدموية الشديدة التي صاحبت الصراع بين هاتين الدولتين.
فمثلا كانت إحدى عقوبات من يخون الخان الأكبر تتمثل بلف الخائن داخل سجادة وربطه فيها ثم إلقائه في الطريق وجعل الفرسان يركضون عليه بخيولهم جيئة وذهابا حتى يموت.
عقوبة أخرى كانت كيّ راحة اليد لمن يتهم بالسرقة أو فقأ العين لمن يرتكب جريمة أخرى.
أما امبراطورية السونغ فكانت أيضا تعتمد أحكاما شديدة ضد المعارضين تجعل أي معارض ينتحر طعناً بسيفه قبل أن يقع في يد الدولة.
أما مشاهد قطع الرؤوس والأطراف للأسرى وغليها في قدر كبير فحدث ولا حرج.
في هذه الحرب استخدم المغول المنجنيق لهدم سور الصين بينما فاجأ الصينيون المغول باستخدام البارود لأول مرة في الحرب.
كل هذه الوحشية عرضها المسلسل بشكل عادي طبيعي. لم يتذمر أحد من هذه المشاهد الوحشية. لم يتهم أحد أمة الصين اليوم بالوحشية.
هل لو ظهرت اليوم دامص الدولة الابليسية في المغول والصين وارتكبت الموبقات كنا سنتَّهِم الامبراطورية المغولية والصينية بالوحشية قبل ١٢٠٠ عام أم أننا سنواصل اعتبار الحضارة الصينية والمغولية من الحضارات الكبرى في المشرق؟
لماذا فقط يتم اتهام الدولة الإسلامية الأولى بالوحشية كلما قام أحمق أخرق ملثم بارتكاب جريمة شنعاء؟
إنما يتم ذلك لمحاولة نزع الصورة المشرقة لعصر الإسلام الزاهر من عقول أبنائه عبر ربط كل ما هو وحشي اليوم بحادثة وحشية جرت بالأمس.
نعم قد تكون جرت أحداث وحشية خلال الحقبة الزاهرة لكن تلك الأعمال لم تكن بعرف ذلك الزمان والمكان من الأعمال غير المستساغة تماما مثل إعدام الخونة بركض الفرسان بخيولهم عليهم وهم ملفوفين داخل سجادة في دولة المغول.
إن من يشارك في تصوير العصر الزاهر للإسلام وكأنه عبارة عن مجموعة من الأحداث الوحشية ارتكبها مجرمون بالقياس لأعراف اليوم إنما يساهم بارتكاب جريمة بحق نفسه وأمته.
التاريخ يبقى تاريخاً ومكانه التاريخ، يُستفاد منه بصورة إجمالية في بناء وعي الأمم، أما تفاصيله فمكانها الجامعات والأكاديميات والبحث العلمي وليس الوعي الجمعي لتلك الأمم

علِّق