نشرت في .August 05, 2015

* هادي البحرة

 

عند أي تحرك جاد للتعاطي مع المآساة الإنسانية في سوريا وخصوصاً فيما يقرب الشعب السوري من تحقيق تطلعاته المشروعة، تستيقظ الديبلوماسية الروسية والايرانية لتقديم خيارات وبدائل لإجهاض هذا التحرك.

تتقدم ايران حالياً بمبادرة لحل سياسي "معدلة " عن مبادرتها الأولى، وعلى هذا الأساس بدأ حراك "روسي + ايراني + نظام الأسد" حثيث للتسويق لهذه المبادرة، ومن المؤكد أنه لايمكن تسويق مثل هذه المبادرات دون إيجاد طرف سوري معارض يتولى التسويق لها ودعمها كما وجود تكتلات (تمثل عدة مكونات سورية لدعم هذا الطرف في مهمته)، أما الخطوط العريضة لهذه المبادرة "للحل السياسي" والتي أُعلن معظمها سابقاً في الاقتراح الذي تقدمت به ايران للأمم المتحدة، فقد أجري عليها حديثاً تعديل "روسي- ايراني" وفق ما سُرب للاعلام، وأصبحت هذه المبادرة تتلخص بالنقاط التالية:
- وقف إطلاق النار في سورية من قِبل كل الأطراف.
- فرض سيطرة ورقابة على الحدود لمنع مرور ودخول أي مسلحين أو أي دعم للتنظيمات في الداخل.
- فتح الممرات لعبور المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية للمدنيين في المناطق المنكوبة.

- تشكيل طاولة حوار سوري ــ سوري تُشكّل بعدها مباشرة حكومة وحدة وطنية، كما تتم اعادة صياغة الدستور.
-إجراء عملية استفتاء على دستور سوري جديد، تُجرى على أساسه انتخابات برلمانية جديدة

- إجراء انتخابات رئاسية يشارك فيها عدد من المرشحين.


تبقي هذه المبادرة - بشكل واضح - الأسد في موقعه حتى تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية (سواءً بصلاحياته الحالية أو بصلاحيات أقل) وبالتالي تجرى الانتخابات الرئاسية في ظل وجود مؤسسات نظام الأسد الأمنية في موعدها الرسمي، ولا تشير ان كان الأسد سيترشح فيها أم لا.

هذه المبادرة بحد ذاتها خروج على مبادئ بيان جنيف التي تقتضي أن تشكل هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية، ومهمتها الأساسية هي تحقيق الأمن وتوفير البيئة المحايدة التي تجري خلالها عملية الانتقال السياسي.
فأي طاولة حوار أو مؤتمر وطني عام "جمعية تأسيسية" أو انتخابات حرة ونزيهة يمكن اجراؤها في سورية في ظل نظام الأسد ومؤسساته الأمنية، وأي طرف سوري معارض يتم تهيئته لينضم لفريق تسويق هذه المبادرة.؟!


لقد ضحى شعبنا بحياة الآلاف من أبنائه وسالت دماؤهم الطاهرة على تراب الوطن، وآلاف المعتقلين مازالوا في السجون يعذبون، وعشرات آلاف المعاقين ومئات آلاف المهجرين؛ النازحين واللاجئين.

كل هذه التضحيات من أجل أن نضمن مستقبلاً مزدهراً لنا ولأبنائنا وأحفادنا، لتكون لنا دولة بنظام حكم مدني- تعددي-ديمقراطي؛ دولة تحمي حقوقنا وتصون كرامتنا،دولة القانون الذي يساوي في حقوقنا وواجباتنا.

من قدم هذه التضحيات وآمن بهذه التطلعات، لايمكن أن يقبل بما هو أقل منها.

علِّق