صدرت عن دار فضاءات للنشر بعمّان، رواية جديدة للصحفي والروائي السوري المقيم ببلجيكا عبدالله مكسور، حملت عنوان: "طريق الالآم"
إنها التغريبة السورية التي ترويها معجونة بمرارة الفواجع في رواية «طريق الآلام» للروائي السوري عبدالله مكسور
ينتمي النص إلى الرواية السيرية، فهو يحكي تجرية هجرة غير شرعية لشاب سوري هو الراوي الوحيد...
هكذا كتبَ أهلُ قرية "حاس" في محافظة إدلب؛ على لافتةٍ في مظاهرة سلميةٍ لهم.. ولكن تحت القصف.. عام 2013
تكفي لافتةٌ واحدة.. جملةٌ واحدة.. لِفَكِّ الالتباسِ بين المصطلحات.
فالثورة.. تجبُّ ما قبلها؛ بكلّ تأكيد؛ و بخاصةٍ.. إذا كانت ثورةً جذريةً كالثورة السورية.. ولن تهدأ سوى باقتلاع شجرة الاستبداد من جذورها؛ ولن تنتصر سوى حين تنتصر على نفسها؛ فلا تُعيد إنتاج نظام الاستبداد والفساد.. في أيٍّ من أفعالها؛ ولا تستبدله بانتاج استبدادٍ جديد.. حتى لو كان تحت راياتٍ كُتِبَ عليها اسم الله جلّ جلاله: زوراً وبهتاناً؛ من راياتِ قاعدة ابن لادن و الظواهريّ.. إلى رايات حزب الله.
كما لا تكتفي باستبدال رأسِ النظام.. برأسٍ جديد؛ كما فعلت ثورات الربيع العربي في تونس و مصر وسواهما؛ من غير أن تُزيل النظام الراسخ منذ عقودٍ.. في مؤسسات الدولة؛ كما.. في العقول؛ تاركةً ساحاتِ ثورتها.. للعسكر وللفلول.
قَدَرُ الثورة السورية أن تمضي حتى النهاية.. لتبني سوريا جديدة تماماً.. سوريا حرّة وديموقراطية ولكلّ السوريين؛ من حيثُ لا يصلح لسوريا المُتعدّدة غيرُ هذا؛ لأنه يحمي تعدديتها وفرادتها الحضاريّة؛ كما يحمي أيَّ مواطنٍ فيها.. سواء أكانَ من الأغلبية؛ أم.. من الأقليّات.
ولهذا فهي ثورةٌ.. وليست مُعارضةً؛ لأن مصطلح المعارضة يحتوي ضِمناً على الاعتراف بالنظام.. الذي تُعارِضُه تلك المُعارضة!.
بينما تعني الثورة.. ترحيلَ النظام؛ كلَّ النظام.. إلى خارج التاريخ؛ و خارجَ كلِّ مستقبل.
فرضَ المجتمع الدوليّ مُصطلحَ "المعارضة" على الثورة السورية.. من خارجها؛ وبما يتناقض مع هُوِيَّتها.. كثورة؛ وكانت تلك أولى خطوات: "الاحتواء المزدوج".. لثورات الربيع العربي؛ ولأكثرها جذريةً في مواجهة الاستبداد: الثورة السورية.
ومن المفارقة أن المجتمع الدولي.. بما فيه مجموعة "أصدقاء سورية" ما يزال يعترف بالنظام الاستبدادي في سوريا؛ وما يزال كُرسيُّهُ في الأمم المتحدة حاضراً؛ بل.. ما يزال كرسيُّ سوريا شاغراً في "الجامعة العربية" حتى.. مِن عَلَمِ الثورة.
وكان الخطأ القاتل.. أنّ تنسيقياتِ الثورة السورية.. قد فوَّضت المعارضة السورية بأمر ثورتها؛ منذ تفويضها للمجلس الوطني.. الذي تمّ الاعتراف به دولياً: كمعارضة؛ وليس.. كمجلسٍ أعلى للثورة السورية؛ وهو الذي لا يمتلك أن يكون مجلساً ثورياً.. بمفاهيم كلّ الثورات التي أنجزتها شعوبٌ قبلنا.
مصطلح "المعارضة" كان حصانَ طروادة الذي تسلّلَ من أروقة "الاحتواء المزدوج" للثورة السورية.. إلى داخل الثورة السورية ذاتها؛ ليخطف الثورة.. ذاتها؛ وليخطف علم الثورة.. ذاته؛ ثم لن يظهر ذاك العلم.. في بازار أعلام أمراء الحرب وراياتهم.. كما نشهد ذلك منذ أكثر من عامين.
حين كتبَ ثوّار إدلبَ.. تلك اللافتة: نحنا ثورة.. مو معارضة؛ كانوا بعفويّتهم؛ أو.. عن وضوح رؤيةٍ وبصيرة؛ يُلخِّصون مسيرةَ تلك السنوات الأربع الداميات؛ ويُنبِّهون للعودة الى البوصلة.. بوصلة الثورة و إلى اسطرلاب ثوَّارها.
بل إننا اليوم.. بفعل الانتداب الإيراني على بلدنا؛ مُطالبون وعلى الفور.. بتحويل الثورة السورية من مجرد ثورة على الاستبداد؛ الى حركة مقاومة وطنية سورية شاملة لكلّ احتلالٍ.. سواءَ كان إيرانياً أم داعشياً او من أبناء عمومتهما؛ و بأيدٍ سورية فقط.. لاغريب فيها؛ سواءَ جاءنا.. غازياً؛ أو.. من المهاجرين.
هل كان غيفارا ثائراً؛ أم.. مُعارضاً؟!
و هل كان غاندي السلميّ.. مجرد مُعارضٍ للاحتلال البريطاني؛ أم.. ثائراً عليه؛ بطريقته السلميّة.. ذاتها؟!
هل كان مانديلا ثائراً؛ أم.. مجرَّد مُعارضٍ لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا؟ّ!.
والسؤال الأكثر إيلاماً.. هل أنتجت الثورة السورية: غانديَّها أو حتى مانديلّاها؟!
ومن الطبيعي.. أن لا يكون في المعارضة السورية.. من هو محلُّ ثقةِ وتفويضِ السوريين؛ بينما تحمل المعارضةُ حقائبها راكضةً.. بين مطارات جنيف وموسكو والقاهرة وعاصمة أيّ بلدستان في العالم.. لتتفاوض على المرحلة الانتقالية!!
ولتلك المفاوضات.. مقالٌ قادمٌ؛ و غير انتقاليّ.. بالتأكيد.
علِّق