صدرت عن دار فضاءات للنشر بعمّان، رواية جديدة للصحفي والروائي السوري المقيم ببلجيكا عبدالله مكسور، حملت عنوان: "طريق الالآم"
إنها التغريبة السورية التي ترويها معجونة بمرارة الفواجع في رواية «طريق الآلام» للروائي السوري عبدالله مكسور
ينتمي النص إلى الرواية السيرية، فهو يحكي تجرية هجرة غير شرعية لشاب سوري هو الراوي الوحيد...
بدأنا بثورة من أجل استرداد حقوقنا الدستورية وكرامتنا الانسانية، فحولها النظام الى معركةٍ أمام خيارين: اما القبول به، أو أن يعمل على تهديم كيان الدولة السورية وتفتيتها.
بكل واقعية نحن الآن دولة محتلة من عدة جهات، وعلينا خوض عدة معارك بنفس الوقت، معركة ضد نظام مجرم لا يملك ذرة محبة لسوريا او لشعبها، ومعركة ضد الوجود الأجنبي الايراني والمليشيات الطائفية العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية، ومعركة ضد كل قوى الارهاب التي سمح لها النظام وحلفاؤه -وحتى المجتمع الدولي- أن تتواجد على أراضي سوريا والعراق، وهذه القوى تتشكل من ارهابيين من كل دول الجوار والإقليم والغرب والشرق، من كل انحاء العالم، بمن فيهم السوريون ممن فقدوا الأمل وكفروا بما يسمى عدالة وقانون المجتمع الدولي، وممن تم تجويعهم وحشرهم بزاوية الخيار الوحيد إن ارادوا البقاء على قيد الحياة، ومعركة ضد عصابات تقوم بالخطف والسلب والنهب، ومعركة ضد طبقة تجار الحرب من رجال أعمال النظام وحلفاؤه التي باتت تنتفع وتجني الثروات في ظل اقتصاد الحرب الذي بات متجذراً في المجتمع.
ان معاركنا باتت معارك من أجل وجود سوريا الوطن الواحد الموحد، ونخوضها بدعمٍ من قلة من الأصدقاء، هذه المعركة لا يمكن ربحها ان لم نخضها كشعب واحد أمام تحدٍ مصيري، لا يمكن ربحها ان لم نخرج من خضم التوحش الحالي وإن لم نملك الشجاعة على فعل ما قد يعتبره البعض مستحيلاً، علينا بناء الجسور بين من سيدفع الثمن غالياً. ان ما نحن أمامه اليوم هو حرب قد تطول لعشرات السنوات وسيذهب ضحيتها عشرات الآلاف من شباب سوريا، بناة وطن المستقبل
ان نظام الأسد لم يعد الا مطيةً بيد إيران لتحقيق نفوذها الاقليمي وبرنامجها النووي، وهو من أوجد البيئة والظروف الجاذبة لقوى الارهاب من كل انحاء العالم مخلصاً إياها من الارهابيين، وكُتب علينا ان تكون أراضينا موقع معركة العالم الفاصلة مع قوى وتنظيمات الارهاب، ومن صمم هذه المعركة بناها على اشعال سعير التطرف الطائفي الذي سيمتد ليشمل دولاً أخرى، وهذا ليس تنظيراً بل باتت ارهاصات هذا التمدد تظهر يومياً. وهؤلاء ممن يشاركوننا هذه المخاطر، هم حلفاؤنا الطبيعيون. كي نستطيع ان ننتصر ونحقق تطلعاتنا بأقصر وقت ممكن، بات على من يقفون مع الأسد أن يعوا أن الاستمرار بالاصطفاف معه سيكون ثمنه غالٍ، وسيدفعونه في سبيله أرواح أبنائهم ومستقبلهم، كما انهم سيساهمون بتفتيت ما تبقى من كيان للدولة السورية، وهذا لا يعني أن الثمن سيكون أقل على الشعب الثائر، لا بل هو اكثر كلفة ويدفع يومياً بضحايا البراميل المتفجرة والغارات الجنونية، وضحايا وشهداء يقدمها في حربه على الارهاب، وسيستشهد من شبابنا الآلاف ان لم نوقف حالة الاستعار الطائفي وحالة التوحش الانسانية، وهذا لن يكون الا إن واجه مؤيدو الأسد الواقع، وعرفوا أن عليهم في هذه المرحلة التخلي عنه والعبور الى ضفة الشعب الثائر، وسيجدون أيادٍ ممدودة لهم، وهذا سيمنحهم الفرصة للإسهام بتوحيد جبهتنا الداخلية ضد التطرف والارهاب، وضد من يسعى لمشاريع التقسيم وتدمير كيان الوطن، والعبر في تاريخنا الحاضر ماثلة امامنا، فالعالم بدأ حربه ضد القاعدة منذ اكثر من خمسة عشر عاماً ومازالت باقية، ومازالت افغانستان دولة مفككة ليومنا هذا، والعراق لم يستطع التخلص من طائفيته ولا من الإرهاب فيه، فبعد أكثر من عشر سنوات مازال دولة مفككة على الرغم من امكانياته البشرية وثرواته الطبيعية، واستطاع تنظيم القاعدة أن يضع جنيناً أكثر وحشيةً وخبرةً وامكانيات سيحتاج القضاء عليه عشرات السنوات.
ان لم نستطع نحن كسوريين، بناء تلك الجسور لتسمح للأخر على الضفة الأخرى بالعبور الى ضفة الشعب الثائر، ومنحه الفرصة ليساهم في وقف الاجرام ومحاسبة من أجرموا بحق الشعب وبحقهم، ليؤسسوا قاعدة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، ويكونوا جزءاً اساسياً من عملية إعادة بناء الوطن، سيكون الثمن باهظاً والحفاظ على وحدة وطننا وكياننا كدولة أصعب، إن إسقاط النظام بات حدوثه شبه مؤكد، ولكننا نبقى امام القوى المحتلة الأخرى ويتبقى أمامنا خوض المعارك الأشد والأقسى وهي معارك وجودية سنخوضها من أجل مستقبل أبنائنا جميعاً ومن أجل أن يبقى لديهم وطن موحد اسمه سوريا، هذا هو مخرجنا الوحيد.
علِّق