صورة eiad
نشرت في .March 05, 2015

 

هل يمكن أن نكون دوماً على حق؟ في أفكارنا و معتقداتنا و قرارتنا و تقييمنا لما يدور حولنا؟ و كيف يمكن تجنب الوقوع في الزلل و الخطأ الفكري؟

إن الإقتراب من الحقيقة يتعلق لحد كبير بتوظيف التفكير الناقد في خدمة عقولنا و أفكارنا، فالبقاء اليوم لمن يعرف أن يفكر بشكل أفضل، كما أن قوة الإنسان تتعلق بحدوده المعرفية.
المحامي حين يدافع عن قضيته، و السياسي المدافع عن أفكاره و برامجه، و الإنسان العادي الباحث عن فهم و تفسير وقائع الحياة اليومية، و الحريص على  النجاة من حبائل و حيل المخادعين و بائعي الوهم، و كل باحث عن الحق يستخدم التفكير الناقد بطريقة أو بأخرى.


 ما هو التفكير الناقد؟
يهتم التفكير الناقد بتمييز الأفكار وكشف المزيف منها وبالتالي عدم قبول الفكرة أو الإقتناع بها قبل تمحيصها و كشف قوتها أو ضعفها و يمكن تعريف التفكير الناقد عملياً بأنه :
مجموعة مهارات تمكنك من استخدام أسس المنطق السليم في الحكم على الأشياء التي تحدث حولك  وهذا ينعكس على كل قراراتك و اختياراتك في الحياة، و بالتالي هو فن البحث عن الحقيقة و ادراكها و استخدامك لإمكانياتك العقلية وتوظيفها لحل أي مشكلة في أي زمان و أي مكان و تحت أي ظروف أو كما عرفه أرثر شوبنهاور  بأنه "فن أن تكون دوماً على حق"   في كتابه The Art of Always Being Right الذي حمل نفس العنوان.
والقاعدةالأساسية في التفكير الناقد هي الثقة بعقولنا أكثر من أي عقل آخر و بالتالي تذكر أن: "ﺃﺳﺗﺎﺫﻙ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﻳﺧﻁﺊ، ﺗﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﺗﻔﻛﺭ ﻟﻧﻔﺳﻙ"
والتفكير الناقد هو المحرك الأهم للنهوض بالجنس البشري و أصبحت مهارة التفكير الناقد (critical thinking  )  ضرورة مهمة مع كل هذه التغيرات من حولنا، فلا يوجد في حياتنا أبيض و أسود بل هي درجات مختلفة من الألوان، و إستخدامنا للتفكير الناقد يجعلنا إلى أقرب درجة ممكنة من درجات الأبيض أي الحقيقة، وإتباعك لاسلوب التفكير الناقد سوف ينعكس على كل الجوانب الشخصية في حياتك .
و بسبب أهميته قامت كثير من الدول بإدراج التدريب على مهارات التفكير الناقد في مناهجها الدراسية منذ المراحل الأولى، و تعد تجربة سنغافورة في مجال تنمية مهارات التفكير الناقد نموذجاً ينبغي التوقف عنده، حيث أصبح تعليمه أساسية لإصلاح التعليم وتطويره وهدفاً أساسياً من أهدافه، وقد استفادت سنغافورة في وضع خطط هذا النوع من التعليم مما تبلورمن اتجاهات تربوية وتم استحداثه من استراتيجيات تعليمية في مجال تعليم التفكير الناقد وتنمية مهاراته.
يعود الاهتمام بهذا النوع من التعليم إلى عام 1997، وهو العام الذي عقد فيه المؤتمر الدولي السابع للتفكير في سنغافورة وحضره 2400 ممثل لحوالي 42 دولة من مختلف بقاع العالم.
و فيه طرح رئيس الوزراء السنغافوري جوه شوك تونغ مبادرته لتطوير التعليم في بلاده تحت شعار "مدرسة تفكر... وطن يتعلم" وطالب المسؤولين عن التربية أن يعيدوا النظر في دور المؤسسات التربوية والمعلمين إزاء الطلبة المتعلمين، وأن ينتقلوا بمفهوم التربية من التلقين إلى تعليم الطلبة مهارات التفكير والاتجاه نحو التعلم والتقصي الذاتي، مبيناً أن تقدم الوطن إنما هو مرهون بتقدم المواطن.
والتفكير الناقد ليس موجوداً بالفطرة عند الإنسان  كما أن مهاراته قابلة للتعلم و تحتاج إلى مران و تدريب لأنها لا تولد معنا ولا يرتبط بمرحلة عمرية معينة و كل فرد قادر على القيام به وفق مستوى قدراته العقلية و الحسية و التصورية وعندما نمتلك مهارة التفكير الناقد فإننا نتعلم  :كيف نسأل؟ومتى نسأل؟وعن ماذا نسأل؟

كيف نقيس مهارات التفكير الناقد لدى الأخرين؟ ببساطة الشخص الذي يفتقر لمهارات التفكير الناقد لديه من هذه الصفات:

- يقسم الناس إلى نصفين أخيار و أشرار.
- يستمع لمن يتفق معه بالرأي و يتجاهل أي رأي ثاني لا يتفق معه.
- معلوماته محدودة و يحب التكلم في كل شيء.
- واثق في نفسه جداً و يعتقد أن أفكاره فقط هي الصحيحة.
- عواطفه توجهه و تتحكم في كل قراراته.
-  يحب أن يعيش وسط الأوهام و يتنفس نظرية المؤامرة في كل شيء في حياته.
- يصدق كل ما هو  "سهل جداً" و ينشره بمنتهى القوة.
- تفكيره سطحي و مشوش و مبني على معلومات غير دقيقة.
- يتأثر بآراء الأخرين بسهولة.
-  ليس لديه معايير جودة لتقييم طريقة تفكيره.
- لا يمتلك شجاعة الإعتراف بالخطأ.
- يصدق ما ينشر في الإعلام.
- يعتبر أن أكثر ما يقرأه أو يسمعه صحيح.
- يعيد ارسال الرسائل التي يستلمها دون تفكير بمحتواها.

في المقالات القادمة سأتابع شرح طرق تعلم مهارات التفكير الناقد بإذن الله

علِّق