صورة eiad
نشرت في .February 28, 2015
الناشر تاريخ النشر الكاتب ترجمة الرابط الأصلي للمادة
سام هاريس: المدونة الشخصية Sam Harris زينة الحامد اضغط هنا


في معرض رده على جريمة قتل الصحفي البريطاني جيمس فولي المروعة على أيدي أحد الجهاديين البريطانيين، (ومستخدماً تعبيراً بديلاً للدولة الإسلامية في العراق والشام)،  وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكلمة المقتضبة التالية:
إن ما يمسى بالدولة الإسلامية في العراق والشام لا تمثل أي إسلام... فلا توجد عقيدة تدعو الناس إلى ذبح الأبرياء، ولا يوجد إله عادل يقف إلى جانب ما قام به هؤلاء يوم أمس وما يقومون به كل يوم.إنهم ذوو أيدولوجية مفلسة... وسوف نقوم بكل ما ينبغي  للدفاع عن مواطنينا وعن قيمنا الخالدة التي نؤمن بها. نسأل الله أن يرحم جيمس ويبقيه حياً في ذاكرتنا. وليحفظ الله أمريكا.
وفي ملاحظاته اللاحقة لرسم استراتيجية لهزيمة داعش أضاف الرئيس:
دعونا نوضح أمرين اثنين: "داعش لا يمتون للإسلام بصلة، فلا يوجد دين يستسهل قتل الأبرياء، في حين غالبية ضحايا داعش هم من المسلمين... ببساطة ووضوح داعش هي منظمة إرهابية. ولاهدف لها سوى ذبح كل من يقف في طريقها كائناً من كان. ليبارك الله بجنودنا وبأمريكا.
كشخص لا ديني، لا أستطيع إلا أن أتساءل متى سنتوقف فيه عن الكذب على أنفسنا وإيهامها بصحة ماقيل؟ قد يحدث ذلك إما بسواد التفكير المنطقي أو عندما يصل السيل الزبى من كثرة القتل والتنكيل الذي ستمارسه هذه الجماعات على الناس!
بالنسبة لي فإن المعتقدات البشرية تعد أكثر أهمية من كل ما ينتجه العلم ومما تتحدث عنه التكنولوجيا الحديثة. فمعتقدات الناس هي التي ساهمت في بناء الحضارة، أما الأيديولوجيات البائدة كالتكفير والجهاد والردة والاستشهاد لاتؤدي إلا إلى المزيد من القتل والتشدد. قد تحمل تصريحات أوباما بعضا من الصحة في قوله بعدم وجود دين يحرض الناس على قتل الأبرياء، ولكن هل يعتبر الكفرة أبرياء في نظر الإسلام؟ أو هل يعتبر المشركون أبرياء؟ الإجابة هي "كلا".
وقد انضم العدد من المسلمين البريطانيين إلى صفوف داعش أكثر ممن تطوعوا للخدمة العسكرية في القوات المسلحة البريطانية. في الواقع لقد نجحت هذه الجماعات في إغواء الكثير من الشباب في العالم المنفتح بالانضمام إليها أكثر من نجاح حكومات الأخيرة بإقناعها للالتحاق بجيوش الوطن، وذلك لبناء دولة القمع والطائفية في الشام والعراق، مما يسلط الضوء على ضعف تركيبة تلك المجتمعات المتعددة الثقافات ويفضح الكثير من الأفكار الإرهابية المضمرة في تكويناتها.
قد يخطر للقاريء الكثير من الأفكار المتضاربة عند قراءته لكلماتي، ومما أريد أن أوضحه هنا بأنني لا أقصد مهاجمة مليار ونصف من المسلمين غير المتدينين على الأغلب، ولست أعطي أعذاراً لكارهي الإسلام والمسلمين في الوقت.نفسه إنما أقصد ببحثي هذا الربط بين أصل العقيدة الجهادية العنيفة  في الإسلام والآثار التي ترتبت عليها بعد ذلك. ومن أهم ماركزت عليه تلك العقيدة؛ الاستشهاد وكره الآخر الكافر، بالإضافة للجهاد!
تلك التصرفات والمعتقدات الوحشية يدعمها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث المنتشرة والتي يستقي منها الفقهاء فتاواهم  كالداعية (محمد العريفي) والذي أصبح بأهمية البابا فرانسيس بسبب نصائحه المقدسة!يتبع العريفي أكثر من تسعة ملايين مغرد على تويتر، يقومون بنقل الأفكار الوحشية التي يبثها والتي تعتبر الأساس لبنية تلك الجماعات المتطرفة!
لذلك فإن تحديد أصل تلك الأفكار وإصلاحها هو أمر لابد منه، ومما يتم تداوله بشدة في العالم الغربي هذه الأيام، إلا أن الأمر ليس بهذة السهولة، فمصدر معظم تلك المعتقدات مدعوم من النص القرآني المقدس مما يدل على خطأ النظرية القائلة بأن الجهاديين لايمثلون الإسلام، لا بل هم يستقون تعاليمهم منه ومن نصوصه المقدسة! فكره الآخر وتكفيره كما فكرة الجهاد وضروراتها تعد من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الإسلام كما قضية قيام المسيح في المسيحية. فذهاب المسلمين إلى الحج كل عام وإيمانهم بالشهادتين ليس بصدفة، كما قتل المرتدين ومظاهر الذبح والتنكيل المنتشرة هنا وهناك في عالمهم ليست بالصدفة أيضا.
لكن وللأسف هنالك الكثير من التشويش على المسلمين عبر من يطلقون على أنفسهم علماء الاجتماع وخبراء الدين والإرهاب والثقافات المتعددة، بالإضافة لعلماء الفقه والإنسان والسياسة من حملة الشهادات العالية المزيفة في عالمنا الغربي. كل هؤلاء يؤخرون عملية التقدم ويؤجلون الصراعات الفكرية الإسلامية الداخلية الباعثة على التطور. يدعي هؤلاء بأن تلك الأحكام ليست كماتبدو عليه، وبأن تلك الجماعات الدينية تقوم باستخدامها لغايات أخرى! ماهي تلك الأهداف الأخرى؟ يدعي هؤلاء بأن تلك الجماعات انبثقت نتيجة الظلم والقهر الإمبريالي الغربي  الذي سرق حضارتهم ونفطهم وأهانهم، وبأن المسلمين كالآخرين يرغبون بحياة آمنة ومستقرة في أوطانهم كما الجميع. للأسف حتى الليبراليون من المسلمين يؤمنون بهذه الترهات! عدا عن ذلك وبالعودة إلى النص الديني وأحكامه فهم كما المسلمين الآخرين يعتبرون بأن بعض النصوص المسيئة  جزء لايتجزأ من حقيقة كون الإنسان مسيء بطبعه مستحقا لتلك الأحكام العنيفة!
بالطبع أنا لا أنكر حقيقة أن سياسة الولايات المتحدة والعالم المتقدم غير صحيحة في معظم الأحيان، فمثلا أنا أؤيد فكرة رفع يد الغرب عن النفط كما أنني لم أؤيد الحرب على العراق مطلقا. نعم لقد قرأت لشومسكي ولا أنكر بأن الإنجيل يحتوي على أفكار مسيئة كما بقية الأديان، وأعلم أيضا بأن إرهاب هتلر وموسوليني لم يكونا نتيجة الإلحاد، بل نتيجة أفكار دينية متشددة، كما سمعت بتفجير عام 1984 لعيادة إجهاض في الغرب، ممايدل على وجود صلة بين المعتقدات والأفعال.
الكثير من المسلمين المتحررين يتعايشون مع جيرانهم بغض النظر عن إنتمائهم الديني أو العرقي وبغض النظر عن كيفية تعامل المجتمع معهم ومع نسائهم، لابل إن بعض المسلمين قد يحتسون الخمر ويتناولون لحم الخنزير! إلا أنه وحين مناقشتهم بمفاهيم دينهم الحنيف وبعض معتقداته المتشددة يصبحون منغلقين على أنفسهم ويطالبون باحترام الوحي والنص المقدس للقرآن، ممايجعلهم هشين أمام أي تفسير حرفي للنص، متجاهلين بأن دينهم ليس عبارة عن معتقدات صحيحة وسليمة متوافقة والحضارة في كل الأحيان.
إن فكرة الوحي والنص المقدس لأي كتاب أو دين سماوي لهي كدس السم في العسل في غالبية الأحيان، وهذا السم أخذ بالانتشار في العالم الإسلامي بشكل كبير. فبالنسبة للمسيحية أو اليهودية والتي يشكل التوراة والإنجيل أساساً لمعتقداتها، بما تتميز به هذه المعتقدات من تشدد وتعصب، قد استطاع هذان المجتمعان  فصل الدين عن الدولة وعن السياسة وعن أي معتقد أخلاقي آخر. ويعبر النص التالي في إنجيل متى عن هذا الوضع بقول المسيح: (أعط مالقيصر لقيصر، ومالله لله). قد نجد مايشابه ذلك القول المتسامح في القرآن كما في الآية التالية: (لا إكراه في الدين) إلا أن العلماء المسلمين يخمدون ذلك على الفور. يحتاج الدين الإسلامي إلى معجزة لتحويله إلى دين روحاني سمح ولطيف كما بقية الأديان حيث يقوم بعض الأشخاص الجسورين بهذه المهمة كما مجد نواز. إلا أن جهودهم لاتكفي حيث يعارض الكثير مناقشة الدين الإسلامي بهذا الشكل في الغرب خوفاً من إثبات صحة النظرية القائلة بأن حرب الغرب هي على الإسلام مما قد يدفع الكثير من المسلمين للانضمام إلى تلك الجماعات الإرهابية.في الحقيقة أنا لا أرى أي خطأ في هذه الدعوات المعارضة وإن هذا ليؤكد على ضرورة مراجعة الدين الإسلامي وتخليصه من معتقداته المتشددة والكارهة للآخر بشكل فج.
لكن البحث والتمحيص في أغلب الأديان حتى بالنسبة للملحدين يبقى موضوعاً شائكاً وعسيراً في أغلب الأحيان وذلك لأن البشر يحتاجون إلى إيمان يخفف عنهم عبء الحياة، والدين هو ذلك البلسم. كما أنه وللأسف ترتبط جميع الصفات والخصال الحميدة كالكبرياء والإخلاص والسعادة بأسوأ المعتقدات البشرية كخرافة الأديان. وإن من أسوأ تلك المعتقدات الدينية وأكثرها دهاء هي الفكرة القائلة بأن البشر لايستطيعون التآخي والتعايش بسلام بهدف معرفة سبب وجودهم في هذا الكون بدون بث الفرقة والبغضاء بينهم. إلا أنني أؤمن بإمكانية ذلك بعيداً عن الأديان.
مازلنا في العالم المتحضر نخدع أنفسنا بأهمية احترام الآخر ووحيه ونقوم بالرد على تلك الجماعات بالقليل من المواعظ الدينية والمواربة المحترفة وبعضاً من الصورايخ الذكية –كمافعل الرئيس أوباما – حماية لمبادئنا وقيمنا التي لاتقدر بثمن عل وعسى  يأتي اليوم الذي سنعرف فيه من هو العدو الحقيقي القابع خلف تلك المظاهر الخداعة.

  • Sam Harris

علِّق