قرأت منشوراً لأحد الإخوة المقيمين في ألمانيا ينتقد فيه داعش لأنها منعت التحكيم في مباريات كرة القدم من منطلق أن الحكم لله وحده !!
و قد ترك الأخ -مع إحترامنا له طبعا- كل البلاوي من الاغتصابات و تقطيع الأوصال، واغتصاب القاصرات والسيدات الآمنات، و خطف و اعتقالات المدنيين، و رقّ وسبي ووحشية ترتكبها .. ...ترك كل ذلك وراح ينتقدها لمنعها التحكيم في مباريات كرة قدم في الحواري التي تسيطر عليها، بل ويناقشها ويشرحها وينتقدها جزاه الله خيرا من الناحية الفقهية !!
أعتقد أن بعض الناس لازالوا لا يدروكون خطورة وجود داعش على الإسلام وعلى البشرية، بل ويريحون أنفسهم برمي موضوعها برمته على المؤامرة، رغم إدعائي أن معظم من نشأ على تقديس التراث التي خرجت منه داعش يتعاطفون معها سراً، ويخجلون أو يخافون من التصريح بذلك..
فتارة يقول أحد هؤلاء متذاكيا بأن النظام خلق داعش، وتارة إيران صنعتها، وتارة بأن أمريكا خلقتها، وأخرى مخابرات روسيا ركّبتها، وثالثة الماسونية ربّتها!! و لم يبق إلا أن يقال ربما بأن الكائنات الفضائية هي جاءت بداعش لتحتل بها كوكبنا ..
نحن ياسادة نحاول الهروب من ظلنا، داعش لم تخرج إلا من كتب التراث وأدبياتها التي نحفظها ونعرفها بمعظمنا، و أصحاب الدين التراثي الموازي لو كانوا يريدون تطبيق تراثهم فعلاً لوجب عليهم مبايعة داعش، و ما مؤتمر المتصوفة التي عقد في الشيشان للتبرؤ من السلفية و داعش إلا محاولة فاشلة للهروب من ظلهم ..
وما ذلك إلا لأننا عندما كنا نسأل مايسمى بـ رجال الدين المتصوفة عن بعض النصوص الصريحة الموجودة بالصحاح المقدسة لديهم، ومنها أمور كرجم الزاني و قتل المخالف و قتل المرتد و قتل الخارج عن الجماعة وما إلى ذلك، وأنها واجبة التطبيق كحدود إلهية حسب الصحاح كانوا لا ينكرونها لمخالفتها كتاب الله . وليس لعنعنتها ..ولا لأنها ظنية الثبوت والله نهى عن إتباع الظن ..ولا لإجرامها ..ولا لأن الرسول (ص) مبلّغ لا مشرّع، ولكن كانت حجتهم على الدوام أنه لا يوجد حالياً دولة خلافة، و لو قامت لوجب مبايعتها والقيام بذلك ..
وعندما قامت أخيراً مايسمى بدولة الخلافة، كان بعض الناس صادقين مع ما يؤمنون به من تراث أشركه مع كتاب الله، فبايعهم وانضم إليهم كالدكتورة إيمان البغا ..ابنة أحد أشهر "رجال الدين" في مدينة دمشق ..
و لكن باقي رجال دين وكهنة المتصوفة إختل توازنهم بعد إعلان الخلافة، و بقوا فترة في حالة صدمة لا يعرفون كيف يبررون عدم إلتحاقهم به، رغم وجود نصوص تلعنهم لو لم يفعلوا ذلك.. وبأنهم ظهروا بذلك كمجرد مرتزقة يعتاشون ويجمعون الثروات بتسويق الدين التراثي الموازي، وهذا يشكل خطراً على مصادر رزقهم و سلطتهم الروحية التي لم يكونوا ليحلموا بها دون إلتحاقهم بالكهنوت، حتى وإن كان الثمن تبرير جرائم الأنظمة القمعية ضد شعبها ليحافظوا على مكاسبهم الحالية ..
فبرروا الأمر للناس مباشرة بأن المخابرات الغربية والمؤامرة الكونية هي من صنعت داعش كما أسلفنا سابقاً، وتارة بأن هناك تمايزاً بينهم وبين السلفية في ذلك.. وهذا عمليا ليس إلا لذرّ الرماد في العيون بعد أن بدأ الناس صحوة لمعرفة دينهم الموجود في القرآن المهجور، و الذي غيبه الكهنوت مئات السنين سابقاً عن التداول، و في الحقيقة فهذه النصوص والأدبيات هي مما يتقاطع به الصوفيون مع السلفيون، لأن كل أدبيات ما يسمى الخلافة موجود في الصحاح التي يقدسها كلاهما، فلا يمكنهم الآن أن يهربوا إلى مراقصهم الروحية مدعين أن كل شيء على مايرام ..
وخصوصا أنه قد خرج بعدها الكثير من المصلحين ليواجهوا الأزهر في هذه النصوص المنحرفة التي لاعصمة لها، فكان الرد عبر محاكم التفتيش، ولاحقوا المفكرين الذين دافعوا عن سيرة نبيهم ورفضوا عصمة نصوص تقول بمحاولته إنتحار عليه السلام، و اغتصابه طفلة بعمر 9 سنوات وحاشاه، و بأنه كان رحمة للعالمين وليس نقمة وبأن حروبه دفاعية كما تؤكد وصايا القرآن نفسها، وليست هجومية إعتدائية إستعبادية كما فعل من إنقلب على الإسلام من بعده من الخلفاء والسلاطين بأديان إبتدعوها هم لازالت تقدس إلى اليوم ..
وقد توّجت هذه الملاحقات بحبس المفكر الشاب إسلام البحيري، و ملاحقة غيره من المفكرين كسيد القمني في محاكم الكهنوت الأزهرية ..
لقد جائت دعوة الرئيس الشيشاني الدكتاتور قاديروف لهؤلاء بمثابة حبل إنقاذ، فكان المؤتمر بعنوان من هم أهل السنة والجماعة؟
وقد توج كما توقعته بالتبرؤ من السلفية لتصويرها على أنها المشكلة لدى الناس التي بدأت تصحو و تتنصل من نفوذ الكهنة وقيودها الموضوعة على عقولها منذ زمن طويل، عائدة إلى إسلامها الحنيف الموجود بكل معانيه بين دفتي التنزيل الحكيم.
ما استتبعه أيضا إحتجاج وتكفير من قبل رموز الوهابية للحاضرين في هذا المؤتمر، مما سيعمّق بإعتقادي مشاكلهم أكثر .. وعموما لست ضد التبرؤ من الدين السلفي، فهو فعلا دين إجرامي لا يمت للإسلام بصلة.
للأسف هروب هؤلاء الكهنة للإختباء خلف إصبعهم لم يعد ينفعهم في شيء، وإطلاقهم لقب علماء على أنفسهم لن يعفيهم من محاسبة الناس لهم على حمايتهم لنصوص بشرية منحرفة وتقديسها، وهي التي كانت سبباً في تفريخ كل إرهابيي الأرض الذين شوهوا الدين الإسلامي الحنيف .. فهل سيتعظ يوما هؤلاء؟
شخصيا لا أعتقد ذلك، و لكن رهاني هو على شباب الصحوة الفكرية التي بدأت في منطقتنا والتي على مايبدو علينا أن نشكر داعش عليها.. كيف لا وهي التي صورت لنا التراث الإجرامي المقدس عند أتباع الدين الموازي مثالاً عملياً لنعرف ما حاول الكهنة عبر مئات السنين من خلال قصصهم التراثية الخرافية، والتي تم تسويقها لنا على المنابر في بيوت حرم الله تعالى أن يدعى فيها أحد غيره ...
هذا رأيي وعليه سألقى الله تعالى.
التعليقات
nabil (لم يتم التحقق)
18 تشرين الثاني (نوفمبر), 2016
Permalink
السلام عليكم
علِّق